Page 77 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
        P. 77
     وأصبح  ٦أكتوبر عيًدا وطنًيا تحتفل به مصر كل عام لتذكير الأجيال                                          الإنجازات العسكرية
          الجديدة بقيمة التضحية والوحدة والعمل الدؤوب .فقد تحّو ل
                                                                    شكل عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف أحد أبرز ملامح
السادس من أكتوبر إلى رمز للفخر القومي ،وتجسيد لعظمة الإرادة         التفوقات العسكرية في القرن العشرين؛ فقد استطاعت القوات
المصرية ،ودليل على أن النصر يصنعه الإيمان بالوطن والعزيمة           المصرية ،باستخدام مضخات المياه البسيطة نسبًيا ،اختراق أكثر
                                                                    التحصينات العسكرية تعقيًدا في ساعات معدودة ،كما لعب سلاح
                                          الصلبة والقيادة الرشيدة.
                                                                                                                             الطيران
                      الدروس المستفادة للأجيال الحالية              دوًر ا حاسًما من خلال الضربة الجوية الأولى ،التي استهدفت مواقع
إن دروس أكتوبر تتجاوز ساحات القتال إلى ميادين التنمية والبناء؛                   العدو بدقة عالية؛ مما مهد الطريق لتقدم القوات البرية.
فقد أثبتت التجربة أن التخطيط الدقيق والعمل المشترك بين القيادة      وقد برزت بطولات الجنود المصريين على مختلف الجبهات؛ سواء
والشعب يمثلان مفاتيح النصر ،كما أبرزت أهمية العلم والتكنولوجيا
كركائز للقوة الشاملة؛ حيث لعب الابتكار العسكري دوًر ا بارًز ا في            في الدفاع المستميت أو في العمليات الهجومية الجريئة ،وهو
                                                                    ما جّسد التوازن بين عنصر المفاجأة والتخطيط الإستراتيجي .لقد
                                                  تحقيق الإنجاز.    أثبتت هذه الإنجازات أن العقيدة القتالية المصرية قد تغّيرت جوهرًيا
واليوم ،بينما تواجه مصر تحديات اقتصادية وتنموية جسيمة ،يصبح         بعد النكسة ،وأن الجيش أصبح قوة منظمة قادرة على مواجهة
استدعاء روح أكتوبر ضرورة ملحة .فالمعركة لم تعد عسكرية ،بل           التحديات والتفوق في معركة شاملة .ومن ثّم ،فإن هذا النجاح
أصبحت معركة تنمية وبناء ،تتطلب انضباًطا وتضحيات لا تقل عما          العسكري لم يقتصر على ساحات القتال ،بل انعكس مباشرة على
ُبذل في ميادين القتال .وهكذا ،فإن انتصار أكتوبر لا يزال حًيا؛ لأنه  المشهد السياسي والإقليمي ،ممّهًدا لمرحلة جديدة من التوازنات
يقدم نموذًجا عملًيا لكيفية تحويل المحن إلى فرص والانكسار إلى
                                                                                                                        الإستراتيجية.
                                                         انطلاق.
                                                                                                الُبعد السياسي والدبلوماسي
                                                الخاتمة
                                                                    لم يكن انتصار أكتوبر حدًثا عسكرًيا فحسب ،بل كانت له أبعاد
إن السادس من أكتوبر سيظل رمًز ا خالًدا للنصر والكرامة الوطنية،             سياسية ودبلوماسية عميقة .فقد حطم الانتصار الأسطورة التي
         وعلامة مضيئة في تاريخ مصر الحديث .وفي هذه الذكرى
                                                                    رّو جت لها إسرائيل عن "الجيش الذي لا ُيقهر" ،وأعاد التوازن
العطرة ،نتوجه بتحية إجلال وتقدير إلى شهداء وأبطال القوات              الإستراتيجي في المنطقة ،كما مهد الطريق لمفاوضات السلام التي
المسلحة الذين كتبوا بدمائهم صفحة العزة والحرية ،كما نجدد العهد
على أن نواصل مسيرة العمل والبناء بروح أكتوبر ،حتى يتحقق             أفضت إلى استعادة الأراضي المصرية المحتلة ،وفتح خطوات جديدة
                                                                                                                         نحو السلام.
                            لمصر ما تطمح إليه من تقدم وازدهار.
                                                                    على الصعيد العربي ،عززت مصر مكانتها كقائدة لجبهة الصمود
 73                                                                 العربي ،واستفادت من التضامن العربي الذي استخدم النفط كسلاح
                                                                    سياسي للضغط على القوى الغربية .لقد كان الانتصار رسالة بأن
                                                                    العمل العربي المشترك يمكن أن يحقق نتائج ملموسة ،وأن الإرادة
                                                                      السياسية المدعومة بالقدرة العسكرية قادرة على فرض واقع جديد.
                                                                                 فرحة المصريين بالنصر وأبعاده الاجتماعية والنفسية
                                                                    كان وقع النصر على المصريين عظيًما؛ فقد عاشت البلاد لحظة فرح
                                                                    عارمة لم تشهدها منذ عقود؛ إذ استعاد الشعب المصري ثقته بنفسه
                                                                    وبجيشه ،وانكسرت عقدة الهزيمة التي خّلفتها نكسة .كما أعاد
                                                                    الانتصار بناء الروح الوطنية القائمة على التضحية والإيمان بالقدرة
                                                                    على تحقيق المستحيل .وهذا البعد لا يقل أهمية عن أي مكسب مادي؛
                                                                    لأنه رّسخ في الوعي الجمعي المصري أن تجاوز الأزمات ممكن إذا
                                                                                                         ما توافرت الإرادة والعزيمة.
     	
