Page 15 - 777777المنظور السياسي
P. 15
كمـا شـهدت مصـر فـي السـنوات الأخيـرة تنو ًعـا •تدريـب الكـوادر مـن خـال ب ارمـج المشـاركة
فـي مصـادر التأثيـر السياسـي (كوسـائل التواصـل السياسـية وإعطـاء مسـاحة للممارسـة الفعليـة لهـم،
الاجتماعـي ،والمنصـات الرقميـة)؛ مـا أدى إلـى انقسـام فبنـاء المجتمعـات الحديثـة يحتـاج إلـى أدوات
حـاد فـي أنمـاط التنشـئة السياسـية ،بيـن الفئـات المتنوعـة تُن ِّظـم حركتهـا المسـتمرة وتفاعلاتهـا ،ومـن ضمنهـا
والشـ ارئح الاجتماعيـة المكونـة للمجتمـع المصـري؛ ممـا الحاجـة إلـى تنظيـم اجتماعـي دائـم ،قائـم علـى
مبـادئ وأهـداف مشـتركة ومصالـح مشـتركة؛ بهـدف
ص ّعـ�ب مـ�ن بنـ�اء هويـ�ة سياسـ�ية جامعـ�ة. الوصـول إلـى السـلطة وممارسـتها أو للحضـور فـي
دائـرة الحكـم لتحقيـق مصالحهـا والحفـاظ عليهـا،
خام ًســا :الهويــة السياســية والمواطنــة فــي مصــر – كونهـا قـوةً اجتماعيـ ًة فاعلـ ًة ومؤثـرةً فـي المجتمـع.
بيــن الانتمــاء والمشــاركة: لهـذا السـبب كان مـن الضـروري خلـق كيانـات
متناغمـة مـع احتياجاتهـا ،والبيئـة التـي تعيـش فيهـا،
إشكالية الهوية الجامعة:
تعـّدد النظـم التعليميـة والمدخـات الثقافيـة والقيميـة والبنيـة الاجتماعيـة والوظيفيـة للمجتمـع.
الناتجـة عـن اتسـاع مسـاحة المحتـوى السـيب ارني
والافت ارضـي شـَتّت الهويـة ،وفعـل هويـات فرعيـة فـي •دمـج مفاهيـم المواطنـة والتعدديـة والتنـوع فـي
مصـر ،مسـتغًّل عناصـر دينيـة ،وجغ ارفيـة ،وطبقيـة الخطـاب الدينـي والثقافـي؛ لضمـان تماسـك الهويـة
وموسـ ًعا للفجـوة؛ لعـدم توافـر النظـام التعليمـي الوطنـي
الموحـد المهـم لعمليـة التنشـئة السياسـية والاجتماعيـة، الوطنيـ�ة.
ومع غياب خطاب وطني جامع ،بقيت الهوية السياسية
عرضـة للاختطـاف مـن قبـل الخطابـات الأيديولوجيـة أو •إنشـاء منظومـة تربويـة تشـاركية بيـن الأسـرة
الطائفيـة؛ ممـا أضعـف مـن قـدرة الدولـة والمجتمـع علـى والمدرسـة والمجتمـع الأهلـي تقـوم علـى التنشـئة لا
إنتـ�اج «مواطنـ�ة متوازنـ�ة» تتجـ�اوز الانتمـ�اءات الضيقـ�ة.
علـ�ى التلقيـ�ن.
ورغـم النصـوص الدسـتورية التـي تؤكـد حقـوق المواطـن
(كالمسـاواة ،وحريـة التعبيـر ،والمشـاركة السياسـية) ،فـإن •اتخذت الدولة المصرية -عبر و از ارتها ومؤسساتها
التطبيـق ظـ َّل يعانـي مـن فجـوة بيـن التنظيـر والممارسـة، -خطـوات واسـعة مـن خـال مؤسسـات التنشـئة
وهـذا لغيـاب المؤسسـات الاجتماعيـة المناسـبة التـي السياسـية ،لا سـّيما التعليـم والإعـام؛ مـا أدى إلـى
يمكـن لهـا أن تمـارس أنشـطتها فـي تحقيـق مصالـح توجيـه الثقافـة السياسـية نحـو الـولاء للنظـام أكثـر
الفئـات المعبـرة عنهـا ،كونهـا أقـرب وأكثـر قـدرة علـى مـن الـولاء للوطـن أو الدسـتور ،وهـي خاصيـة
التواصـل مـع الجماهيـر ،ولهـذا قـد تكـون النقابـات طبعـت م ارحـل مختلفـة مـن الجمهوريـة المصريـة.
بأنواعهـا ومنظمـات الشـباب والهيئـات الأهليـة الأقـرب
إلـى النـاس والمعِّبـرة عنهـم أكثـر مـن الأحـ ازب السياسـية رغـم تعـدد الممارسـات الشـكلية للمشـاركة ،افتقـرت
التـي تعانـي مـن العديـد مـن المشـكلات فـي نشـأتها عمليـة التنشـئة إلـى قيـم التعدديـة ،والتفاعـل الإيجابـي
وتطورهـا؛ فمـن ثنايـا هـذه التجمعـات يشـترك المواطـن مـع الكيانـات السياسـية ،والنقـاش العمومـي البنـاء؛ ممـا
جعـل كثيـًار مـن الأفـ ارد لا يكتسـبون ثقافـة المشـاركة ،بـل
15
يتحركـ�ون ضمـ�ن ولاءات تقليديـ�ة أو عاطفيـ�ة.

