Page 38 - 777777المنظور السياسي
P. 38

‫أن عمليـة بنـاء الإنسـان هـي عمليـة متفـق عليهـا بشـكل‬       ‫ويخصونـه بالتعريـف‪ .‬وربـط ماكنمـار بيـن التنميـة والقـدرة‬
‫عـام كشـرط للسـام ومحفـز للتنميـة يحافـظ عليهـا وعلـى‬        ‫علـى النمـو والأمـان‪ .‬وأضـاف‪« :‬إن امتـاك الأسـلحة‬
‫اسـتدامتها‪ .‬حيـث إن بنـاء الفـرد هـو عمليـة مسـتمرة لا‬       ‫لـم يمنـع الثـو ارت والعنـف والتطـرف‪ ،‬وأن مثيـري الشـغب‬
‫تتوقـف عنـد حـد معيـن وتتطـور لتواكـب التطور المتسـارع‬       ‫والاضط اربـات هـم مـن الفقـ ارء‪ ،‬كمـا أن الـدول الأكثـر‬
‫فـي حـركات المجتمعـات ولمواجهـة مـا تتعـرض لـه مـن‬           ‫اسـتخداما للأسـلحة والعنـف والحـروب هـى الـدول الأكثـر‬
‫تحديـات‪ ،‬وبالنسـبة بـه أول وأهـم خطـوة فـي تلـك العمليـة‬     ‫فقـ ار‪ ،‬فـي النصـف الجنوبـي مـن الكـرة الأرضيـة‪ .‬وأرجـع‬
                                                             ‫ماكنما ار هذه الظاهرة إلى الفقر وضعف البنية الاقتصادية‬
                                   ‫هـي بنـاء الأمـل‪.‬‬         ‫لتلـك الـدول‪ ،‬ممـا يضـر بالأمـن‪ ،‬وشـدد علـى أن السـاح‬
                                                             ‫والقـوة العسـكرية قـد يكونـان جـزءا مـن أجـ ازء الأمـن‪ ،‬ولكـن‬
‫كمـا أن عمليـة بنـاء الإنسـان ليسـت مقتصـرة علـى‬             ‫ليسـا أهمهـا ‪ .‬وهـذا المفهـوم ينطبـق علـى الـدول الغنيـة‬
‫الـدول المتقدمـة فقـط‪ ،‬بـل إن الـدول الناميـة تتبناهـا‬       ‫والقويـة‪ ،‬كمـا ينطبـق علـى الـدول الفقيـرة‪ .‬وربـط ماكنمـا ار‬
‫للاسـتفادة مـن قوتهـا البشـرية‪ ،‬ولهـذه العمليـة انعكاسـاتها‬  ‫بيـن الأمـن والتنميـة‪ ،‬وأوضـح أنهـا لا تعنـى فقـط البعـد‬
‫علـى المسـتوى الدولـي‪ ،‬حيـث تـؤدي إلـى حمايـة السـام‬         ‫الاقتصادى‪ ،‬بل يجب أن تشمل كل الأبعاد فتنظيم الأمة‬
‫العالمـي‪ ،‬ولذلـك فـإن نجاحهـا مرتبـط ‪ -‬إلـى حـد كبيـر ‪-‬‬      ‫لمواردهـا‪ ،‬وتنميـة قد ارتهـا يجعلهـا قـادرة علـى الحصـول‬
                                                             ‫علـى احتياجاتهـا الذاتيـة‪ ،‬وهـو مـا يسـاعدها علـى مقاومـة‬
                           ‫بفعاليـة التعـاون الدولـي‪.‬‬
                                                                           ‫الإخـال بالأمـن أواللجـوء إلـى العنـف»‪.‬‬
‫“تتطلـب عمليـة بنـاء الإنسـان توافـر الإ اردة لـدى‬           ‫خلاصـة مـا سـبق أن مفهـوم الأمـن القومـى مـن منظـور‬
‫قيـادة الدولـة والشـعب علـى الإصـاح والبناء‪،‬مـع القيـام‬      ‫التنميـة الشـاملة‪ ،‬يشـير إلـى تعميـق الفهـم لمطالـب الـدول‬
‫بعمليـات بحـث مسـتمرة عـن مكامـن الخلـل‪ ،‬ومواطـن‬             ‫الفقيـرة وظروفهـا وتأكيـد أن الحلـول الواقعيـة لمشـكلاتها‪،‬‬
‫الضعـف‪ ،‬مـع توافـر الطمـوح الجمعـي لبلـوغ الأهـداف‬           ‫تتطلـب حلـولا اقتصاديـة ذات محتـوى اجتماعـى‪ ،‬مـن‬
‫المحـددة‪ ،‬كمـا تتطلـب إعـادة تقييـم المبـادئ الأساسـية‬       ‫دون اللجـوء ال ازئـد إلـى رفـع القـد ارت العسـكرية فقـط‪.‬‬
‫لـدى الفـرد الواحـد‪ ،‬وهـذا لا يتحقـق إلا عبـر برنامـج‬        ‫وبذلـك‪ ،‬تتجـه تلـك الـدول إلـى تجـاوز معادلـة الارتبـاط‬
‫طويـل المـدى للتربيـة والتعليـم بأسـس علميـة صحيحـة‪،‬‬
‫تشـترك فـي تطبيقـه منظمـات المجتمـع المدنـى والقطـاع‬                             ‫العكسـى بيـن الغـذاء والسـاح»‪7.‬‬
‫الخـاص‪ ،‬وتتضمـن عمليـة زرع للمبـادئ الأخلاقيـة‬
‫السـامية فـى الجيـل الصاعـد القابـل للتوجيـه والتأهيـل‬       ‫	•بنـاء الإنسـان‪ :‬شـرط أساسـي للسـام والتنميـة‬
‫حتـى يـرى المجتمـع نتائـج عملـه علـى المـدى البعيـد أو‬                        ‫فـي مرحلـة مـا بعـد الصـ ارع‪:‬‬
‫المتوسـط‪ ،‬فالإنسـان هـو محـور أى نهضـة وبنـاؤه جيـدا‬
                                                             ‫هنـاك آفـاق عامـة علـى أهميـة بنـاء الإنسـان كهـدف‬
         ‫يسـاعد الدولـة علـى مجابهـة كل التحديـات‪.‬‬                   ‫ثابـت يحـول دون تجـدد الصـ ارع مـرة أخـرى‪.‬‬

‫ركـزت التجـارب الدوليـة الناجحـة علـى بنـاء نمـوذج‬           ‫فـي مقـال محمـود بسـيوني المعنـون «شـرط السـام …‬
‫تنمـوى يقـوم علـى عـدد مـن الركائـز أهمهـا التعليـم‬          ‫بنـاء الإنسـان فـي مرحلـة مـا بعـد الصـ ارع»‪ ،‬أشـار إلـى‬
‫واسـتثمار أرس المـال البشـرى والانطـاق الاقتصـادى‬
‫علـى أسـاس التوزيـع الأمثـل لثمـار النمـو بتطبيـق لمبـادئ‬    ‫‪ 7‬أحمد ناجي قمحة‪« .‬في الأمن القومي‪ :‬الهوية والفكر والثقافة في مواجهة تعقيدات العلاقات‬

                                                                                        ‫الدولية»‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬عدد ‪( 215‬يناير ‪.)2019‬‬

                                                                                                   ‫‪38‬‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43