Page 41 - 777777المنظور السياسي
P. 41
حيـث أصبحـت هـذه الثقافـات الكونيـة عابـرة لحـدود عولمـة المعلومـات تؤثـر بشـكل مباشـر ،ليـس فقـط فـى
الزمـان والمـكان ،ومتجـاوزة لنطـاق الأمـم والمجتمعـات. السياسـة الداخليـة بـل فـي السياسـة الخارجيـة للدولـة.
ولا شـك فـي أنهـا خلقـت وسـائل لا حصـر لهـا لتبـادل ولهـذا ،فـإن إمكانيـات الدعايـة والحـرب النفسـية للتأثيـر
المعرفـة والمعلومـات وحققـت وفـرة غيـر مسـبوقة فـي فـي هـذه الجماهيـر ممكنـة ،وتقـود إلـى نتائـج وخيمـة
الإنتـاج الثقافـي والمعرفـي بفضـل ثـورة المعلومـات حيـث يمكـن الدولـة مـا اسـتغلال الوضـع فـي دولـة
والاتصـالات التـي يعيـش العالـم فـي قلبهـا الآن .لكنهـا أخـرى ،وإخضاعهـا لحـرب نفسـية تعمـل علـى غسـل
أفضـت -فـي الوقـت نفسـه -إلـى خلـق أشـكال جديـدة عقـل الجماهيـر ،وتغييـب وعيهـا العـام وذلـك مـن خـال
مـن الاحتـكار الثقافـي والمعلوماتـي أحـادي الاتجـاه. العمـل علـى تصديـر أيديولوجيـات لا تتفـق وقيـم المجتمـع
ذلـك أن الإنتـاج الثقافـي والمعرفـي والتكنولوجـي لهـذه ومبادئـه ،واسـتخدام الحـرب النفسـية عـن طريـق وسـائل
الثقافة لا يتم توزيعه بشـكل متسـاو بين الثقافات كما أن الإعـام الرقميـة الحديثـة ،ومواقـع التواصـل الاجتماعـي
تدفـق المعـارف والمعلومـات لا يتـم بصـورة متسـاوية بيـن التـي وفرتهـا الثـورة التكنولوجيـة السـيب ارنية ،وهـو الأمـر
الـدول والمجتمعـات .وقـد أفضـى ذلـك إلـى ت ازيـد الفـوارق الـذي يؤثـر فـي الـروح المعنويـة ،ومـدى ارتبـاط الشـعب
والفجـوات المعرفيـة والثقافيـة بيـن دول العالـم ،وتفـاوت
حظـوظ الأفـ ارد والمجتمعـات فـي نصيبهـم مـن القـد ارت بالنظـام السياسـي.
المعرفيـة ،ومـن أرس المـال الثقافـي الـازم للتفاعـل
الإيجابـي مـع مسـتلزمات هـذه الثقافـة الكونيـة ،والتـي ولكـي نبـدأ بنـاء الوعـى بآليـات صحيحـة ،ينبغـي علينـا
تمكنهـم فـي الوقـت نفسـه مـن الدفـاع عـن خصوصياتهـم العمـل علـى تحقيـق الأمـن الثقافـي ،يعـد غايـة مـن
الثقافيـة ،وتحقيـق شـروط الانتمـاء الحقيقـي لمجتمـع الغايـات التـي ينحـو بلوغهـا فـي هـذه المرحلـة المهمـة مـن
م ارحـل التطـور الثقافـي والمعرفـي ،فـي ظـل ثقافـة كونيـة
المعرفـة والمعلومـات. تنـزع نحـو انتهـاك الخصوصيـات الثقافيـة ،وتهميـش
الثقافـات الوطنيـة ،وطمـس الهويـات القوميـة والدفـع إلـى
يجـب تأسـيس المزيـد مـن مؤسسـات صناعـة الفكـر
وم اركـز الأبحـاث علـى مسـتوى المنطقـة ،وأن نتوسـع الانغـاق علـى الـذات.
فـي نشـر الإنتـاج باللغـات العالميـة إضافـة للغـة العربيـة،
وأن نسـخر أكبـر قـدر مـن الإمكانـات مـن أجـل صناعـة مـن هنـا تأتـي أهميـة تحقيـق الأمـن الثقافـي ،الـذي يعـد
أري عـام يـدرك مـا يحـاك لـه فـي الحاضـر ،ويعـي مـا جـزءا لا يتجـ أز مـن الأمـن الاجتماعـي والحضـاري لإعـادة
يخطـط لـه فـي المسـتقبل ،وهـذا هـو تحديـدا طريـق نهضـة بنـاء الوعـي .بـل إن الأمـن الثقافـى يجـب أن يحتـل
الأولويـة فـى هـذه المرحلـة المهمـة مـن م ارحـل التطـور
الشـعوب والمجتمعـات. الـذي بلغتـه الثـورة المعرفيـة ،فـي ظـل تعاظـم التحديـات
والمخاطـر التـي تواجـه الثقافـات المحليـة والوطنيـة .ذلـك
فـي معركـة بنـاء الوعـي المصيريـة تلـك ،علـى دولنـا أن الأمـن الثقافـي قضيـة ترتبـط ارتباطـا مباشـ ار بكيـان
أن تقـدم التنميـة مقارباتهـا الخاصـة بسـد الفجـوة الرقميـة، المجتمـع ووجـوده كمـا ترتبـط بهويتـه ووحدتـه الحضاريـة
وتعـزز ب ارمجهـا المسـتدامة بنواحيهـا المختلفـة ،وتتفـق
علـى آليـات محـددة لمواجهـة التطـرف والإرهـاب والأفـكار وتتعاظـم أهميـة تأكيـد قضيـة الأمـن الثقافـي فـي ظـل
المخاطـر .والتحديـات التـي تفرضهـا الثقافـة الكونيـة،
41

