Page 42 - 777777المنظور السياسي
P. 42
بـالمجتمع الشبكي ،والآخر أن الأف ارد داخل هذا المجتمع الهدامـة التـي تسـعى للنيـل مـن مكانتنـا وتسـهم فـي تشـويه
لـم يتـم تأسيسـهم ثقافًّيـا ومعرفيـا بمـا يوفـر لهـم الأدوات صـورة الإسـام وصورتنـا كعـرب مسـلمين.
التحصينيـة اللازمـة لإجـادة التعامـل مـع هـذا المجتمـع،
وعدم الوقوع في سلبيات ما يمكن أن ينتج عن اندماجهم إن الوعـى قضيـة حاسـمة ومحوريـة ومصيريـة فـي
السـريع فيـه ،فـي ظـل ت ارجـع مسـتويات المعرفـة والثقافـة معركـة البقـاء ،التـي يـ ارد لنـا أن ننهـزم فيهـا ،لـذا فهـو
والقـدرة علـى البحـث والتدقيـق والميـل إلـى تصديـق أيـة إلـى كونـه ضـرورة وجوديـة إذا تمكنـا مـن بنـاء الفـرد
الواعـى بذاتـه وواقعـه ،فإننـا نكـون قـد نجحنـا فـي معركـة
شـائعات أو أمـور غامضـة يتـم تصديرهـا إليهـم. مصيريـة ،قـدر للوعـي الجمعـي العربـي أن يكـون مغيبـا
«ولعـل ذلـك مـا أسـهم كثيـ ار فـى أن يتحـول العالـم عنهـا ،ولـو مؤقـت»9.
الافت ارضـي وأهدافـه فـي المجتمـع الشـبكي إلـى واقـع
سـهل مـن خلالـه أن تحـل وسـائل التواصـل فـي العالـم «هنـا ،يمكـن لنـا أن نطلـق علـى هـذا النـوع مـن الأفـ ارد
الافت ارضـى ،مثـل الفيسـبوك وتويتـر محـل وسـائل الـذي يصبـح أسـي ار لهـذا النـوع مـن الحـروب المواطـن
الإعـام التقليديـة ،وأن تكتسـب هـذه الوسـائل الافت ارضيـة الرقمـي السـلبي .وهـو النـوع الـذي لـم يسـتفد مـن ممارسـة
مصداقيـة كبيـرة لـدى الجمهـور المسـتهدف فـي الدولـة حقـه فـي الاسـتخدام الإيجابـي للثـورة التكنولوجيـة فـى
الهـدف ،وذلـك فـي ظـل عـدم قـدرة الوسـائل التقليديـة التعلـم ،ونقـل الخبـ ارت الثقافيـة المنفتحـة ،وزيـادة قدرتـه
المهنيـة والرصينـة ،والعلميـة علـى ملاحقـة كل هـذه علـى البحـث العلمـي الإيجابـي ،واقتصـر دوره علـى
السـرعة التـي باتـت توفرهـا الطفـرة الهائلـة فـى تكنولوجيـا أن يكـون متلقًيـا لجميـع مـا يتـم تصديـره لـه عبـر شـبكة
الاتصـال وب ارمـج الإخـ ارج الفنـى ،وبمـا تتيحـه مـن قـدرة المعلومـات الدوليـة «الإنترنـت» ،مـن قيـم سـلبية،
علـى نشـر الخـداع والأخبـار المزيفـة والمغلوطـة فهـذه وسـلوكيات خاطئـة ومفاهيـم حياتيـة غيـر منضبطـة،
المجموعـة مـن الـوكلاء ،أو العمـاء لل ارعـي تلقـت مـن وتجـارب ليـس بالضـرورة أن تنطبـق مـع الواقـع الـذي
التدريبـات مـا يكفـى لكـي تكـون القائـد فـي مجتمعاتهـا، يعيشـه فـى نطـاق دولتـه الوطنيـة ،بحيـث أصبـح نسـخة
ولكـي تنقـل وتشـكل مـا يعـرف بــاللا هويـة السـيب ارنية مشـوهة فاقـدة كل معاييـر القيـم والانتمـاء للهويـة الوطنيـة
الشـبكية ،وتمكنـت عبـر م ارحـل مختلفـة مـن أن تنقـل وغيـر مـدرك للمخاطـر والتهديـدات فـى المحيـط الأبعـد
مواطنيهـا مـن الاعتمـاد علـى وسـائل إعـام رصينـة منـه وسـلوكياته الفوضويـة ،وانعكاسـاتها المدمـرة علـى
ومهنيـة لديهـا مـن القواعـد ومواثيـق الشـرف التـى كانـت الأهداف الاسـت ارتيجية القومية ،كنتيجة حتمية لكونه أداة
تكسـبها المصداقيـة الدائمـة لـدى الجمهـور ،لكـي تكـون أجـاد توظيفهـا واسـتخدامها المتآمـر عليـه ،وعلـى دولتـه.
محـل شـك دائـم ،وأن تكـون مرفوضـة وغيـر موثـوق بهـا.
وهنـا ،يكـون نجـاح هـؤلاء الـوكلاء أو العمـاء فـى تشـكيل هـذا المواطـن يدفـع ثمنـا غالًيـا لدولـة تقدمـت سـريعا فـي
ثقافـة مجتمعهـم شـبكيا ،وتغييـب وعـى المواطـن وتوجيهـه مجـال تكنولوجيـا المعلومـات ،ووفـرت البنيـة الأساسـية
اللازمـة بتقنياتهـا المختلفـة ،لكـي تنـدرج ضمـن منظومـة
علـى غيـر أهـداف ومصلحـة الدولـة الوطنيـة. الـدول الرقميـة ،وذلـك دون الالتفـات لمخاطـر أمريـن،
الأول أن هـذا التطـور قـد صاحبـه تأسـيس مـا يعـرف
هـذا هـو الجانـب السـلبي للثـورة السـيب ارنية والإنترنـت
9أحمـد ناجـي قمحـة« .الوعي…قضيـة البقـاء» ،مجلـة السياسـة الدوليـة ،عـدد ( 217يوليـو
.)2019
42

