Page 48 - Demo
P. 48
الصوم في ُع ْرف المسيحيين الإمساك عن الطعام والشراب،
أو الانقطاع عن بعض المآكل، والاقتصار على بعض ألوان من
الأطعمة الخفيفة الهضم كالبقول والأثمار، ومناولتها دون تأنّق في تهيئتها؛وهوأولفريضةوضعهااللهجّلجلالهفيكتابهالعزيز:
«وأوصى الرب الإله آدم قائ ًلا: من جميع شجر الجنة تأكل أك ًلا،
وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها
موتًا تموت». وقد ترتّبت في العهد القديم أصوام في أوقات
معينة كان اليهود يصومونها؛ وهاك ما ورد عنها
في كتب الأنبياء الأطهار: «هكذا قال رب
الجنود: إن صوم الشهر الرابع وصوم
الخامس وصوم السابع وصوم العاشر
يكونلبيتيهوذاابتها ًجاوفر ًحاوأعيا ًدا
طيبة» (زكر 8: 19). والسيد المسيح قد
قّررفريضةالصومبصومهالأيامالتي
كان اليهود يعتبرونها ويحافظون على
الصوم فيها، وصام علاوة عليها أربعين يو ًما وأربعينليلة،وقدوبّخالفّريسيينالذينكانوايصومون صياًماغيرمقرونبالفضائل،موضًحاأنهلافائدةلهممنصومكهذا،وجعلالصومفي رتبة الصلاة والصدقة، وعلّم كيف يجب أن يكون الصوم الحقيقي المقبول لديه تعالى بقوله: «وإذا صمتم، فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فإنهم يغ ّيرون وجوههم ليظهروا للناس أنهم صائمون. الحق أقول لكم: إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت إذا صمت، فادهن رأسك، واغسل وجهك، لئلا تظهر للناس صائمًا، بل لأبيك الذي في الخفاء، وأبوك الذي ينظر في الخفاء يجازيك علانية». والرسل الأطهار قد أظهروا لنا أنه كانت للصوم أوقات، كما يتضح من مراجعة أعمال الرسل: «ولـما مضى زمن طويل، وصار السفر في البحرمخطًرا،إذكانالصومأيًضاقدمضى،جعلبولسينذرهم»(أع9:27)؛وكانوا يصومون كث ًيرا، كما يظهر من أقوال الرسول الإناء المصطفى: «أنا أفضل في الأتعاب، أكثر في الضربات، أوفر في الأصوام مرا ًرا كثيرة» (2 كور 11: 27)؛ وكان من عادتهم أن يصوموا قبل مباشر ِة كل عمل خطير صالح كالصلاة وغيرها: «وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال لهم الروح القدس: أفرزوا لي برنابا وبولس للعمل الذي دعوتهما إليه، فصامواحينئٍذ،وصلوا،ووضعواأيديهمعليهما،وأرسلوهما»(أع3:13)؛وقدعلّمونا
ال ّصوم الأربعين ّي المبارك *
غ ّطاس بطرس قندلفت **
* ُنشرت هذه المقالة على جزأين، في العددين 25 و26، من السنة الأولى لجريدة «المنار»، بتاريخ 4
و11 آذار شرقي 18٩٩.
48 | العددان 1/ 2 - 2٠2٠