Page 49 - Demo
P. 49

يوًما.وقدقلناعلىالغالب،لأنهلمتكنفيبادئالأمرقد
تحددت كمية الأيام التي يجب أن نصوم بها، ولا كيفية
الصوم؛ فإن كثيرين من المسيحيين كانوا ُيمسكون عن الطعام
أيا ًما بكاملها، أو يقتصرون على مناولة أطعمة نباتية خفيفة
مرة واحدةكل يوم عند المساء، أو يأكلون في أي وقت كان،
وإنماينقطعونعنمناولةأطعمةحيوانيةوغيرهامنألوان
المشتملةعلىاللحوموسائرالموادالحيوانية،وأنالإكثارمن الأطعمةاللذيذةالتيتهّيجالأهواءالجسدية.وهذاكله المأكولاتوالمشروباتيجعلهمياًلاللشهواتوعرضةللأمراضنستنتجهمماوردفيمؤلفاتالَكتَبةالكنائسيينالذينأشرنا
إليهم. إن إيريناوس في رسالته إلى فكتور أسقف رومية يقول:
«إن الاختلاف القائم بين الكثيرين هو بشأن كيفية الصوم، فضًلاعنالاختلافبشأنمدته؛فالبعضيقولونبوجوب الصياميوًماواحًدا،والبعضيومين،والبعضأكثر،والبعض يصومون أربعين ساعة لي ًلا ونها ًرا بدل الصوم أربعين يو ًما. وهذا الاختلاف ليس بحديث بل قام من مدة طويلة. ومعهذاكله،لميكنسبًبالإزعاجالِّسلمبينالمسيحيين؛ بل مع الاختلاف في الصوم، لا يزال الاتحاد بالإيمان موطَّد الأركان» (التاريخ الكنائسي لاڤـساڤيوس المقالة 5 الفصل 24).وديونيسيوسالإسكندريفيالفصلالرابعمنرسالته إلى باسيليدس يقول: «إن الجميع لا يحافظون على صوم الأيامالستة(فيسّبةالآلام)كلهابالسويةولابطريقةواحدة، فالبعضامتازواعنغيرهمبالإمساكعنالطعامفيمدة كلهذهالأيام،والبعضيمسكونيومين،والبعضثلاثة، والبعض أربعة». ثم بعد ذلك صار المسيحيون من أهل روميةومايليهايصومونثلاثةأسابيع،واليونانمنستةإلى سبعة،كمايذكرسقراطالمؤِّرخالبيزنطيالذينبغفيالقرن الخامس، حيث يقول: «لقد تعددت طرق التمسك بالصوم قبلالفصح؛فالذينفيروميةيصومونثلاثةأسابيعقبل الفصحفيماعداالأحد،والذينفيإيليريا(المعروفةالآنببلاد الأرناؤوط) وكل بلاد اليونان والإسكندرية وفلسطين يصومون |49
والعلل العضالة، وأن الأطعمة النباتية بخلاف ذلك، إذ تل ّين الطباع وتعمل على إخماد أميال الجسد المهلكة، ولا سيما إذا اقتصر الإنسان على مناولة القليل اللازم منها وعلى المشروب البسيط.وقدأيّدذلكبنوعأخّصأحدعلماءالفسيولوجيا الإنكليزفيكتابنشرهمنذسنتين،وأتتجريدةالأمالثيا اليونانية على تلخيصه في العدد 625٠ من سنتها التاسعة
والخمسين بتاريخ 2٠ حزيران سنة 1897. علىهذاكله،فالكنيسةالمقدسة،منذأولنشأتها،قد
اعتبرت الصوم من أكبر الفضائل المسيحية السامية، وحددته في القوانين المجمعية الشريفة، وحكمت على َمن يتجاوزه دونعذرمشروع،وأخًيراعّينتلهأوقاتًامفروضةلنرتاض به، مع الصلوات المتواترة، في الابتعاد عن الخطايا وفي التوبة الحقيقيةالتيتؤهلناللاشتراكبالأسرارالطاهرةفيالأعياد السيديةالشريفة،لاسيماعيَديالميلادوالفصحالمجيدين. والصومالأربعيني،بنوعأخّص،هوقديمجًدا؛وفضًلاعن أنه قد تحدد في القوانين المنسوبة للرسل الأطهار، فقد ذكره أيًضاأقدمالمؤرخينوالكتبةالكنائسيينتلامذةالرسل،مثل ترتوليانوس وإيريناوس وديونيسيوس الإسكندري الذين
نبغوا في القرن الثاني بعد المسيح. قد ُدعيهذاالصومأربعينًّيا،لأنالمسيحيينكانوا
يقومونبهقبلالفصحالخلاصيتشبًهابصومالسيدأربعين يو ًما في البرية؛ وكان يستغرق عندهم على الغالب أربعين
أنهيجبأننتعففونتفّرغنحنأيًضاللصوموالصلاةمدًة (1 كور 7: 5). وفي القوانين المعنونة باسم الرسل القديسين، تحددت أوقات يجب الصوم فيها.
وقد أجمع العلماء في القرون المتقدمة والمتأخرة على تأثير أنواع الطعام في الإنسان وأخلاقه، وأن منها ما يولّد فيهالحدةويهّيجفيهالأميالوالأهواءالجسديةكالأطعمة



















































































   47   48   49   50   51