Page 50 - Demo
P. 50
تتقدمه؛ففيالأحدالأولمنهاتُلقيعلىالمسيحيين َمثَل
الفريسي والعشار، ليتعلموا أن التواضع هو أساس كل
الفضائل؛ وفي الأحد الثاني تُلقي َمثَل الابن الشاطر، لتُذكّرنا أن
العفة هي أهم واسطة للدخول في سبيل الفضيلة؛ وفي الأحد
الثالث،وهومرفعاللحم،تتلوعليناالفصلالإنجيليالذي
يتضمن وصف الدينونة الآتية، لتُذكّرنا بالثواب والعقاب
علىالأعمال،وتحرضنابذلكعلىالتشبثبأذيالالفضيلة
والابتعادعنالرذيلة.وبعدأنيكونالمسيحيونالأتقياءفي
أسبوع مرفع الجبن قد استعدوا إلى الدخول للصوم الشريف
المباركبالابتعادعناللحوم،تحّرضناالكنيسةبالأقوال
الإنجيلية في أحد مرفع الجبن على أن نترك للناس زلاتهم، لك
يغفر لنا أبونا السماوي زلاتنا. وعلى ذلك، قد اعتاد المسيحيون
في بعض البلاد الأرثوذكسية، ونِ ْعم العادة، أن يتصالحوا فيما والبعضُيمسكونعنهأيًضا،والبعضُيمسكونأخًيراحتىبينهمفيمساءهذااليوم،ويصفحبعضهملبعض،ليدخلوا الساعة التاسعة، ولا يتفقون على نوع من الأطعمة». بقلوبنقيةإلىميدانالجهادالروحي،ويصومواصو ًمازكًيا م ّما أوردناه، يتّضح أن الذين كانوا يحصرون الصوم في أشبه بسلك ثمين تنتظم فيه الفضائل التي يتألف منها ِع ْقد
قبلالفصحبستةأسابيع،ويدعونهذاالصومأربعينًيا؛وفي هذه البلاد أي ًضا كثيرون يبدأون بالصوم قبل الفصح بسبعة أسابيع، ويصومون ثلاثة منها الأول والثالث والخامس فقط، مقتصرين على الصوم خمسة أيام في كل من هذه الأسابيع الثلاثة؛ومعذلكيُدعىصومهمعلىهذاالمنوالأربعينًيا» (التاريخ الكنائسي لسقراط المقالة 4 الفصل 22). وقد ذكر هذاالمؤِّرخأيًضافيهذاالفصلعينه:«إنالاختلافلميكن محصوًرافيعددالأيام،بلكانيتطرقإلىأنواعالمآكل؛فإن البعض كانوا يمتنعون عن تناول كل أنواع الحيوانات، والبعض كانوايتناولونمنهاالأسماك،والبعضكانوايضيفونالطيور إلى الأسماك، زاعمين أن موسى يحصيها مع الحيوانات التي فاضت من المياه، والبعض يمتنعون عن بعض أنواع الأثمار وعن البيض، والبعض يقتصرون على تناول الخبز فقط،
ستةأسابيعيضّمونإليهسّبةالآلام،كماكانتالعادةفي التقوىالمسيحية. رومية. وبما أنه باستثناء أيام الآحاد، يبقى من الأسابيع الستة 36 يو ًما، فقد أمر البابا غريغوريوس الثاني في أوائل القرن الثامن أن تضاف أربعة أيام في أول الصوم، ليكمل بها عدد الأربعين؛ ولذا يبتدئ الصوم عند الغربيين يوم الأربعاء في الأسبوع السابع قبل الفصح. وأما نحن الشرقيين، فنحسب صومسّبةالآلاممستقًلاعنالصومالأربعيني،وقائمًابذاته، ونصوم، اليوم، قبل الفصح بسبعة أسابيع، يُستثنى منها سبت لعازر وأحد الشعانين؛ وما بقي فهو الصوم الأربعيني. وقدامتازعندناأيًضابينهذهالأسابيعثلاثةيقضيهاأكثر المسيحيين بصلوات متواترة وبتقشف أكثر م ّما في غيرها، وهيالسّبةالأولىوالخامسةوسّبةالآلام.
م ّما يستحق الملاحظة أن الكنيسة المقدسة تم ّهد للمسيحيين سبيل الاستعداد للصوم بتعيينها ثلاثة أسابيع
** غطاس قندلفت: هو من وجهاء دمشق، ورائد من رواد الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. درس اللاهوت في الأَ ِستانة (مدرسة خالكي) وأثينا (مدرسة الريزاريون)، وصار من المتضلعين في العلوم الكنائسية. كان أحد الدمشقيين العشرة الذين شاركوا في انتخاب البطريركالأنطاكيعام1899.عّينهالبطريرك الأنطاكي ملاتيوس الثاني (دوماني) عام 1899 مديًراللمدرسةالإكليريكيةالبطريركيةفي ديرالبلمند،وأستاًذاللعلوماللاهوتيةفيها، إثر قرار المجمع الأنطاكي المقدس بإعادة افتتاحها؛وقداستمرمديًرالهاإلىعام1908؛ ومنثّمُعّينمرةثانيةمديًرالهاعام1911، واستمر إلى عام 1914 حين توقفها بسبب الحرب العالمية الأولى. له العديد من المقالات والأبحاث
اللاهوتية في المجالات الكنسية المختلفة.
5٠ | العددان 1/ 2 - 2٠2٠