Page 55 - Demo
P. 55

یأتي الصوم الأربعیني المقدس في كل عام لیقودنا الروح القدس فیه، عبر الجهاد الیومي، إلى السجود لصلیب ُر ِف َع علیه رب المجد، لك یُكلِّل الخشبة ویحمل عنا كل ثِ َقل اللعنة مشرقًا
بأنوار لا تنطفئ أب ًدا، أنوار القیامة. نمتنع في هذا الصوم عن الأكل، لأننا مدعوون إلى جوع
إلهي.هذاالجوعإلىالِبرالذيلایشِبعهغیراللهوحده.ونمتنع ُّ
عنالشرابلأننانسعى َعبرعطشإلهي،غیرمألوففي عالمنا، إلى الارتواء من ینابیع الخلاص التي لا
تَجف أبًدا. لا نأكل لح ًما كوننا نرید
أن نتذوق الحالة الفردوسیة التي كنا
نعیشها قبل السقوط. ولا نأكل من منتوج الحیوانات عازمین أن نؤكد سعینا إلى المصالحة الكونیة.
صومنالنیكونحقیقًياإلاإذا
كنا منتبهین للجهاد المستمر، فنسعى جادینأننحببعضنابعًضاكماأحبناالذي
وصل بمحبته لنا إلى الذروة المُعلَ َنة، من خلال بذل ابنه الوحیدالذي ُصلبمنأجلنا.فلیسحبأعظممنأنیبذلالإنساننفسهعن أحبائه (راجع یوحنا 15: 13). فصومنا هذا سیكون مناسبة لامتحان قلب حقیقي، نفحصضمائرناجيًداوبكلحزمأماماللهفاحصالكلىوالقلوب(راجعمزمور 7: 9). ویقول كل واحد منا: هل أسعى أن تكون المحبة في حیاتي سع ًیا دائمًا مع كل ما یرافقها من صعوبات وأنانیة وكبریاء وتشامخ وحب للذات وإدانة للآخرین
والنمیمة؟! صومنالنیكونحقيقًياإلاإذاحاولنافیهأنننظربعینالمحبة،الرأفة،المسامحة،
البذل، الغفران، الصبر، طول الأناة، إلى كل إنسان تضعه العنایة الإلهیة في طریقنا. واجبناأننتدّرب،فيالصوموبواسطته،لنحسبحسابًاكامًلالوجودالآخرین وجو ًدا مستق ًلا عنا، وأن نرى المسیح في كل آخر، لك ندخل معهم خبرة ّسر الوحدة
في التمایز. حتى نصوم في الحق، مطلوب منا، وبكل وضوح، أن نفكر بأن الإنسان الآخر
مخلوق على صورة الله كمثاله (راجع تكوین 1: 26). أي أن كل إنسان هو رفیق
|55
الصوم حاجة
الشماس نكتاريوس إبراهيم


















































































   53   54   55   56   57