Page 7 - merit 39 feb 2022
P. 7
افتتاحية 5
الرقص والجنس والمجتمع حركات متشابهة ليصنعوا لوحات عظيمة
باذخة ،تثير حماس الناس وتشبع غرائزهم.
قد تكون حركة الجسد لوحة جمالية كما قلت والرقص ثقافة في الأول والأخير ،لأنه يرتبط
تجلب المتعة البصرية وتوصل رسائل عميقة،
بالبيئات المحلية وعادات الناس وتقاليدهم
وقد تثير الغرائز الجنسية في آن ،فالجسد وقناعاتهم وتدينهم أي ًضا ،فالرقص في اليابان
مادة الجنس في النهاية ،وحركته بطريقة مث ًل غيره في منطقة الخليج العربي ،على الرغم
معينة تشعل الغريزة وتخرج الأجساد عن من أنهما يقعان في القارة نفسها ،قارة آسيا،
طبيعتها وتجعلها تواقة للملامسة! الفارق بين وهما م ًعا غير الرقص في مصر ووادي النيل،
الصورتين ضئيل ج ًّدا ،مسافة سمك شعرة،
بالضبط كاستخدم اللغة ذاتها بمفرداتها ذاتها وفي أفريقيا ،ويختلف كل هذا عن الرقص
لصنع مقطوعة أدبية رصينة أو مقطوعة في أوروبا وأمريكا .في كل منطقة وكل بيئة
إباحية تثير الغرائز إن بدلنا مواقع الكلمات،
هذا وذاك موجودان ومتجاوران طوال التاريخ، وحضارة يح ِّرك الناس أجسادهم بطرق
ووجود القبيح ليس مبر ًرا لمنع الجميل الراقي، تلائم طبيعتهم ،وتلائم الرسالة التي يريدون
فحتى التعاليم الدينية يساء استخدامها من توصيلها بالحركات ،فلكل حركة دلالتها حسب
قبل جماعات تعتقد أنها مخلصة أكثر للفكرة ذائقة المتلقي هنا وهناك .الفلسلفة واحدة وهي
الدينية ،فتقتل وتعذب وتحرق وتفجر وتمثل الرسم بحركة الجسد ،لكن طبيعة هذه الحركة
بالجثث وهي تحسب أنها تنفذ أوامر الإله ..أي
وتأويلاتها ومداها هو الذي يختلف حسب
إله لأي دين! المكان والزمان.
ووظيفة الرقص في المجتمعات أنه تعبير عن
الفرح في الأغلب ،فالناس جمي ًعا يرقصون حركات الأجساد تلك تختلف داخل البيئة
في الأفراح ،رجا ًل ونسا ًء وأطفا ًل وشيو ًخا، الواحدة حسب طبيعة الجمهور ،ففي الباليه
بمصاحبة الموسيقى وبدونها ،الجميع يهزون
أجسادهم حسب إيقاعهم الداخلي وعلى قدر مث ًل ثمة حركة منتظمة ج ًّدا ،وخفيفة ج ًّدا
طاقاتهم ،وهو رسالة أي ًضا ،فقد رأينا طقوس تقترب من التحليق في الهواء ،وثمة تناغم
الرقص الجماعي أمام المقار الانتخابية ،الذي بين جسد الأنثى وجسد الرجل ،يرسمان م ًعا
يريد الناس من خلاله توصيل معنى التأييد لوحات صاخبة بالحركة فيها صعود وهبوط،
الكبير ،المبالغ فيه ،لذلك يحرصون على تسجيل ارتفاع حتى ملامسه السماء ،وانخفاض حتى
الاستماع إلى أصوات التربة ..بينما في الرقص
رقصهم بالفيديو وإذاعته وهم يقربون البلدي (الفطري) ثمة صخب عشوائي غير
وجوههم من الكاميرات ليتعرف عليهم من منظم ،يقوم على محاولة إخراج حركة الجسد
من نمطيتها واعتيادها في الحركة الوقورة
يريدونه أن يتعرف عليهم. أو -بالكثير -حركة العمل ،في الزراعة أو
لكن حركات الجسد تعبر عن الحزن أي ًضا، الصناعة ..إلخ ،الجسد في هذه الحالة يخلخل
وتختلف في هذه الحالة حسب درجة الحزن الغلاف الذي يحيط به كي يتحرر لبعض الوقت
من ناحية ،وحسب الطبقة الاجتماعية والتعليم تعبي ًرا عن لحظة غير عادية ..وبينهما الرقص
والثقافة والبيئة التي يعبر فيها الحزين عن الشعبي المنظم -ومنه الرقص الشرقي الذي
ألمه ،وأظهر مثال يمكن سوقه هو ما يحدث نعرفه في مصر ،-سواء تم تصميمه بواسطة
في حالات فقد الأحبة المقربين بالموت ،ففي مصمم رقصات يدرب الراقصين والراقصات
حين يكتفي المتعلمون والمثقفون بإشارات على ثيمات معينة يتم تكرارها ،أو كان حسيًّا
خفيفة للتعبير عما يشعرون به ،وهي غالبًا يستجيب لنداء داخلي ويتبعه برهافه ..سواء
تمثل في نموذج سامية جمال وتحية كاريوكا
ونجوى فؤاد ،أو تمثل في نموذج سهير زكي.