Page 8 - merit 39 feb 2022
P. 8
العـدد 38 6
فبراير ٢٠٢2
السلطة واستغلال الراقصات واستعبادهن تعبيرات بالوجه واليدين ،سنجد أن الريفيين،
في السر ،سواء لمتعة السياسيين أنفسهم ،أو خصو ًصا من النساء غير المتعلمات قبل نصف
للحصول على معلومات من خصومهم .والفكرة
قرن تقريبًا ،يأتون بحركات جسدية عنيفة،
ليست بعيدة عن الواقع ،إذ كان الرقص يتمرغون في الأرض ويهيلون التراب على
-والراقصات -حاض ًرا في المشهد دائ ًما ،وهناك
القصص التي تصل حد الأساطير عن “جهاد” رؤوسهم ،ويمثلون حركات تعبر عن انفعالات
المتوفى في حياته وعلاقته بهم ،وبعضهم يلطم
الراقصة والممثلة تحية كاريوكا من خلال
عضويتها في التنظيمات اليسارية السرية ،مما الخدود ويشق الثياب ،وكلها حركات تريد
عرضها للسجن في عهد عبد الناصر ،وعلاقتها إرسال رسالة للمشاهد أن الفقد كبير ،وأن
المفقود كان عظي ًما ،وأن الحياة ستكون صعبة
قبل ذلك بالملك فاروق وبعض أفراد الأسرة بدونه نظ ًرا لدوره المهم في حياة من حوله..
المالكة ،وبعض الأتراك المنتسبين لـ»الباب وذروة ذلك رأيناه في جنازة جمال عبد الناصر
العالي» ،كما أن قصص استغلال المخابرات الطبيعية ،والجنازات الاعتبارية التي أقامها
في زمن صلاح نصر للفنانات والراقصات
محبوه في كل مدن وقرى ونجوع مصر.
معروفة ،و ُكتبت عنها الكتب وصنعت الأفلام. حركة الأجساد لغة من أهم لغات التواصل
لكن الرئيس الأسبق أنور السادات سار في العالم ،تستطيع أن تعرف ذلك من لغة
خطوتين للأمام في هذا المقام بأن جلب ال ُّص ِّم مث ًل ،الذين يمثلون كل كلمة بحركة
الراقصات لتقديم عروضهن أمام رؤساء معينة تعارفوا عليها وتناقلوها جي ًل بعد جيل،
باليد أو بالوجه أو بالقدم ..أو بكامل الجسد،
وسياسيين أمريكيين متنفذين ،مثل ريتشارد وتستطيع أن تشاهدها وأنت تراقب محاولات
نيكسون وجيمي كارتر وهنري كيسنجر، التواصل بين المختلفين لغو ًّيا بشكل كبير،
مثل العرب والصينيين مث ًل ،أو النيجيريين
فرقصت لهم نجوى فؤاد وسهير زكي ،وهو واليابانيين ،إذا لم يجدوا لغة وسيطة يتفاهمون
بالطبع كان يريد استثمار إعجاب هؤلاء بها يلجأون إلى التخاطب بالجسد ..هذا الخطاب
السياسيين بالراقصات استثما ًرا سياسيًّا ،حين هو نفسه الرقص بعد أن تطور ليصبح
كان معرو ًفا أن السادات تخ َّل عن السوفييت مجموعة من الحركات المنتظمة المتعاقبة،
الذين كانوا ظهي ًرا لعبد الناصر ،واتجه إلى كأنه السجع مث ًل ،حركات متنوعة ،تكون في
الأمريكان يخطب ودهم ،آم ًل أن يكون رجلهم المكان الضيق الذي يتعامد عليه الجسد أحيا ًنا،
في المنطقة ،وهو صاحب المقولة الشهيرة إن ويكون بالتحرك أفقيًّا أو رأسيًّا في أحيان
%99من أوراق اللعبة في يد الأمريكان ،وكان أخرى ،وبالطبع يفضل غالبية الناس رقص
يقصد قضية فلسطين وقضايا المنطقة عمو ًما. النساء لأنهن يجمعن إلى رسالة الحركة حلاوة
الأجساد واستدارتها وليونتها ،وقدرتها على
الرقص -إذن -يتخلل الحياة ويعيش مع الناس
خطوة بخطوة ،حتى أن الصوفيين يرقصون في الإبهار والتنويع.
أشد حالات تع ُّبدهم وتق ُّربهم إلى الله ،يتركون الرقص والسياسة
أجسادهم تتطوح بحرية كأنها تريد أن تطير
لتصل لخالقها ،لأنهم يتصورون أنه يتخذ مكا ًنا فيلم «الراقصة والسياسي» الذي عرض عام
عاليًا في السماء وما فوقها ،يفردون أذرعهم 1990من إخراج سمير سيف ،سيناريو
ويموجونها صعو ًدا وهبو ًطا بشكل دائري وحوار وحيد حامد عن قصة لإحسان عبد
كأنها أجنحة الطيور! حتى الصلوات تعتمد القدوس ،وبطولة نبيلة عبيد وصلاح قابيل،
على الحركات المنتظمة للجسد ،حركات ترسل
رسالة عبودية للخالق ضمن رسائل لا متناهية حاول صانعوه أن يكشفوا حجم فساد
يرسلها الجسد باستمرار في كل الاتجاهات