Page 100 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 100
العـدد 27 98
مارس ٢٠٢1
فراس ميهوب
(سورية -فرنسا)
ناولني قدمك اليسرى
ولطي ًفا رغم بعض الأنفة ،وشيئًا من الزهو دون نوري السكران ،فشل ك ُّل من حاول أن يتنبأ
إفراط. بمصيره المرسوم ،كان معرفة تطور حياته سه ًل
قاد سيارة والده دون رخصة قيادة ،ولم يكن نظر ًّيا ،ولكن الجميع باؤوا بالفشل الذريع في
قانون السير ليطبّق عليه ،فمن يجرؤ أن يطالبه امتحان مستقبل نوري.
بتفسير؟! وما هو أكثر غرابة في موضوع نوري أ َّنه هو نفسه
أفاض بكرمه وماله على الرفاق والرفيقات، تنبأ وهو جنين بطريقة وصوله إلى الدنيا ،وكان
والراغبين بالاقتراب من أصحاب الجاه ،أعتقد أول الفاشلين.
أولئك أنهم قد وجدوا ضالتهم ،الدجاجة التي تبيض تو َّقع نوري أن يولد بشكل طبيعي ،وأن ينزل من
ذهبًا ،ولا تأكل إلا القليل من المديح المجاني ،ولكن بطن أمه ورأسه للأسفل ،ولكن فأله خاب فو ًرا.
عن قريب سيدركون خطأهم الفادح أي ًضا. أمسكت به القابلة أم جميل من رجله ،ولا تسل
عشق نهى حبه الأول والأخير ،أعطاها قلبه كله، عن الأضرار التي أصابته ،وما حدث لأمه ،ولكن
وأحبت ثروته من كل جوارحها ،تبادلوا الوله في
عقد ملوث ،أعطته ما يشبه الحب ،ودفع إليها بأغلب المهم أ َّنه ولد حيَّا رغم مخالفته لأبسط قواعد الطب
والتوليد ،وماذا تنتظر من طفل أتى الدنيا بقدمه
ماله ،و ساعدته على اليسرى؟!
تبديده دون لم يبك نوري كما يفعل الأطفال عادة ،بل ابتسم،
حساب. ونظر إلى والدته التي كانت تبكي من الآلام
كان الخير
الاعتيادية للولادة وما أضافته لها القابلة بمبادرتها
ج ًّما ولا ح َّد له، الغريبة بسحب الطفل من قدمه.
هذا ما اعتقده الابن على
الأقل ،لكن الموت أخذ الوالد نسيت أم نوري كل ما نغص عليها استقبال بكرها،
واستبشرت خي ًرا بابتسامة الوليد غريب الأطوار.
وترك ماله.
صار نوري وزوجته في سباق ضد أبو نوري اعتبر ولادة ولده علامة خير عميم،
أراد أن يكبر الصبي بسرعة ليساعده في بناء
السرعة ،وشاركهم فيه أشباه امبراطورية اقتصادية ضخمة ،امتدت أحلام الأب
الأصدقاء ،واستطاعوا في السعيد بعي ًدا في قادم السنوات ،تخيَّل نوري ذي
بضع سنين إضاعة نفوذ يغطي البلد كله ،ولم لا فالأساس الواقعي
إرث الوالد مفرط موجود وبقوة ،ولا يحتاج إ َّل تنمية وتدعيما؟!
الغنى. بلغ نوري عامه الخامس عشر ،وأوهم تطوره
من المفرح والديه بأنهما على حق ،كان فتًى وسي ًما