Page 109 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 109
نون النسوة 1 0 7 من إجبارها على الصمت أمام خيانة الأم للأب مع أكثر
من رجل في غيابه( .الجميع يلتقطون رغبتها المتوهجة،
دائ ًما ما يفسد العلاقة شيء كرهت البحث عنه،
تناسيته» ،بفعل مزاجها المتقلب. يقدمون وجباتهم السريعة لنهم لا يشبع).
الانقطاع نفسه يمثل مهيمنة فكرية ودلالية تشي بها
وفي قصة (عين زجاجية لرجل وسيم) يراوغ السرد
ليم ّوه علينا سبب الانقطاع عن التواصل بين الراقصة جمل وعبارات ومواقف جوهرية في أغلب قصص
ياسمين الجميلة ،والرجل الوسيم على الرغم من عينه المجموعة ،يتجلى فيها صوت الأنثى جريئًا في الإفصاح
الزجاجية ،إذ تبرر القصة السبب بتلك العين العاطلة عن عنها ،كما نسمعه في صوتها وهي تتقمص دور الفراشة
الإبصار «لا يكاد يلمحها لا صورة غائمة مشوشة ،ربما
ظ ًّل باهتًا بعينه اليمنى المفقودة منذ حرب الأيام الستة»، في قصة (دموع فراشة) ،التي تحوم حول أب غير
لكنه مع الأخريات تعود إليه حاسة الإبصار ولو بعين مبال برقتها وخصوصيتها كأنثى وحيدة بين أخوة
واحدة ،والمفارقة أنهن ينقطعن عنه في نهاية العلاقة،
بسبب عينه الزجاجية التي تبدو عند ياسمين مصدر يغتصبون طعامها وألعابها ومكانها ،تحت سلطة
جاذبيته المعنوية كونها ذهبت فدا ًء من أجل وطن ،وذلك الأفضلية الذكورية ،التي يتوجها الأب بتهديدها بالعصا،
ما كان يراهن عليه صاحبها مع الأخريات ،اللواتي الرمز التقليدي لتلك السلطة من أجل تأديبها وقمع
يبحثن عن رجولة كاملة الإبصار ،ولا يفقهن قيمة احتجاجها( :تمهل أبي أنا الأثيرة لديك ،كيف تنكرني؟).
تضحيته ورجولته المعنوية ،مثلما لا يفقه هو أي ًضا أن
بإمكان الراقصة أن ُتح َّب ،وتتجاوز دورها المادي المثير وهذه الأفضلية الذكورية تتجلى أي ًضا في قصة (بيت
في الحياة ،المحدد بجمالية الجسد وفنون إثارته( .لا ال ِولد) كنسق شعبي تؤمن به المرأة قبل الرجل وهنا
يصله صهيل جسدها المتحرق حبا ولهفة) .هو بمعنى مفارقة كبيرة ،وتسعى لتحقيقه ،لإدامة الصلة بينها
آخر رمز للوطن الذي خسر معركة /عينًا واحدة ،لكنه وبين الزوج ،لكن من دون جدوى ،على الرغم من وجود
ظل جمي ًل عند أبنائه الذين يحبونه في سرائه وضرائه عدة أبناء من الإناث بينهما ،يبدون عاجزات عن تحقيق
مثل ياسمين ..وليس مثل الأخريات الانتهازيات اللائي الهدف ،الذي لا يتم إلا في بيت ال ِولد داخل رحمها،
يتخلين عنه مادامت المنفعة منه منقوصة. والبيت مغلق دو ًما.
في قصة (شمعة صفراء وحيدة) تمسي الشمعة ليلة وقد يتعرقل التواصل مع الحياة بفعل الفقر الذي يمنح
الزفاف وما بعدها أيقونة للعروس التي تذوب وتحتضر صاحبه في دوامة التخفيضات التجارية (حذاء) على غير
بسبب برودة الطرف الآخر القياس المطلوب ،فلا ينفع الجري به خلف حياة يجري
وبخل مشاعره قبل جيبه، خلفها آخرون لا يعيقهم ثقل الأمتعة التي حصدوها من
مما يقطع التواصل الحميم
بينهما ويجعله (ظ ًّل باهتًا التخفيضات ..مثلما يعيق الحظ العاثر
بينهما) تبادله الكراهية بدل شخ ًصا حاول نيل مسافة فرح
قصيرة في ماراثون الحياة.
الحب.
أما قصة (ألعاب العازل ويبدو الانقطاع أحيا ًنا خيا ًرا مزاجيًّا،
الطبي) فتحمل طاب ًعا ساخ ًرا تمنحه المرأة لمن تجده لا يرغب في
التواصل معها من الرجال/
بد ًءا من عنوانها الذي العصافير ،كما تعيد
استبق مصطلح العازل تشكيلهم رمز ًّيا في بنية
الطبي بكلمة انزاحت به عن قصتها (لغو العصافير)،
مفهومه الصحي ،ليكتسب «رغم عشقي للاحتضان
بع ًدا دلاليًّا جدي ًدا بإضافته وغمر الشفاه بالحنان،
إلى مفردة ألعاب ،ويبدو أن لكني لم أرتح لثقل
أجسادهم ،أو خفتها،
برودتها أو رعونتها،