Page 111 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 111
نون النسوة 1 0 9
الأقرب إلى فهمها ،قاصة ذكية تعيد إنتاج القصص
اليومية وتمرير أسرارها الينا بالإيحاء والترميز،
وبلاغة الحبكة السردية التي تتجلى فنيًّا -على سبيل
المثال -في مجموعة جمل حوارية استفزازية يوجهها
الأحفاد إلى الجدة بدوافع مختلفة ،لكن الجمل تسهم في
تصعيد السرد إلى ذروته ،على الرغم من رفض الجدة
للتواصل مع تلك الجمل ومحاولة قطع الحوار بصمت
تلوذ به ،هو تعبير عن موتها المعنوي في الحياة ،بعد أن
وجدت نفسها فائضة عن حاجة الجميع ،وعبرت عنه في
الخاتمة حقيق ًة بموتها الدرامي في قصة (جدة منتهية
الصلاحية).
أما في قصة (الفأر مل ًكا) فثمة إعادة انتاج ساخر
للموروث الأدبي العربي والعالمي في القصص على لسان
الحيوانات ،ترمي ًزا لانتقاد سياسي ،يسخر من انقلاب
الأمور ،وتسيد الصغار (الفئران) للمشهد العام والتحكم
به أمام استسلام الجميع وانسحاب الأسد ساخ ًرا على
أمل عودة لاحقة له.
عنوان قصة (شال أحمر يحمل خطيئة) الذي انتخبته
القاصة أي ًضا عنوا ًنا رئي ًسا للمجموعة يدفعنا إلى
التساؤل عن سر ذلك الاختيار من بين عشرات العناوين
الداخلية الفرعية للقصص الأخرى ،لاسيما أن العنوان
الرئيس أشبه بالمفتاح الأول للولوج إلى عالم المجموعة
القصصية كله ،ويبدو لنا أنه كان عنوا ًنا ذا بعد تشكيلي
بهيمنة اللون الأحمر على فضائه التصويري ،فض ًل عن
البعد النفسي المنبعث من اللون نفسه ،بوصفه رم ًزا
للإثارة الجنسية والعاطفية ،وهذا ما يجعل العنوان
يتعرض لقراءة خاطئة ،عند قراءة متن القصة التي
تر ّوج له على لسان زميلة البطلة في مهنة الخطيئة،
بوصفه ردا ًء لستر علامة المهنة :الجسد العاري ،متأثرة
بمشاهداتها للأفلام القديمة في مواقف مشابهة للذكور
العشاق من المرأة الخاطئة ،لاسيما في نهاية الأفلام،
دلالة على عودة الجسد إلى التواري خلف القماش
والتوقف عن ممارسة البغاء ،أو فسح فرصة للأمل
بقبول هذا النوع من النساء ،بد ًءا من هذا العرض
الذكوري لستر عريهن« ..يا موكوسة أنت فاكرة نفسك
فاتن حمامة ومستنية موعد مع السعادة ،ولا تلميذة زي
شادية ،يمكن علشان تشبهي لبنى عبد العزيز ممكن
تتصوري فريد الأطرش ح يتستر عليك» ،لكن القصة