Page 112 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 112
العـدد 27 110
مارس ٢٠٢1
حدث في قصة (قرفانة) ،إذ تكشف كاميرا واحد من من جهة أخرى تسخر -على لسان البطلة نفسها-
برامج التواصل الاجتماعي عن انحرافات أم كانت تبدو من هذه الفكرة وتحاول على العكس من الثقافة التي
أشاعتها السينمات ،جعل الشال (ليس كرداء) بل علامة
ملا ًكا طاه ًرا في عين ابن غفل عن إطفاء كامرته معها دالة على مهنة الخطيئة «كإعلان صارخ عن مهنة لم تعد
بعد الاتصال بها من الغربة ،ليكتشف أن (القرف) الذي تخجل منها» .و»وبعكس ما رغب صناع سينما الأبيض
والأسود بإسداله على جسد البطلة في نهاية الفيلم دلي ًل
كانت تدعي الشعور به مع أب لا تنقصه الرجولة ولا على الستر» ،وتسوي ًقا لفكرة النهايات السعيدة التي
الأناقة كان حجة لها ،لممارسة انحرافها أمام الكاميرا تسخر منها البطلة كونها نهاية مزيفة وتمثي ًل فحسب
مع آخرين ،وإلى الحد الذي غير مصدر القرف لدى لنجمات الفن ،وليس لنجمات الأرض مثلها وزميلتها..
ابنها لينبعث منها بدل الأب ،بعد أن صدمته تلك المشاهد ولعل موقفها يمثل ص ًدى معلنًا لموقف (أم) الرجل الذي
أهداها الشال ،فبعد أن رفضت أمه لمسه حتى موتها
المقززة لجسدها. كموقف من رفض فكرة التستر الشكلي بقطعة قماش لا
ويهيمن الحرمان كثيمة دلالية محورية على قصص يمكن أن تغيّر حقيقة مهنتها ،تقبل البطلة بالشال لاح ًقا،
لكن كعلامة صريحة على المهنة ،ومن ثم فهي تتفق
أخرى ،وهو شكل من أشكال الانقطاع أي ًضا بين مع موقف تلك الأم في الاعتراف بالمهنة ،لكنها تختلف
الذات والآخر /الواقعي /والمتخيل أو الحلم ،لاسيما في الجرأة والقدرة على الإعلان عنها والمصارحة بها،
الحرمان الجنسي والعاطفي ،الذي تعبر عنه مث ًل قصة والمواجهة المكشوفة بصريا مع الرافضين لها ،أو من
(تجاعيد المرآة) ،فبعد أن كانت المرآة فضاء للتعبير يحاولون وضع نهاية لها ولو بشال أحمر ،كخطوة أولى
عن استمرارية أنوثة العانس وهي على حافة الأربعين، للتغيير الذي ترفضه البطلة ،كونه كذبة حمراء بنكهة
وقدرتها على العطاء الجمالي ،وما تعد به فارس الأحلام (الكذب الأبيض) لتزييف حقيق ٍة حتى لو كانت الأغلبية
من غنج ودلال ،و»دليلها مرآة شاركتها وشاهدتها تراها خطيئة ،فإنها تراها خطيئة حالها حال الخطايا
في تدريبات الدلال ،الإقبال والتمنع ،تجريب كل ما
يشف ويبرز الأنوثة ،تتخيل تأثيرها في الرجل الذي التي لا أحد بريء منها ،ومن كان كذلك (فليرمها
ضل طريقه» .فإنها في لحظة خيبة ،تتخلى عن ذلك كله بحجر).
وتستسلم للحقيقة ،وتدرك أن المرآة لا تعكس صورتها
الحقيقية ،وأنها هي من بحاجة للمكياج وليس وجهها من هنا نرى أن وضع عنوان هذه القصة عنوا ًنا رئي ًسا
«وقفت أمام المرآة تتحسس تجاعيد افترست شبابها للمجموعة قد يأتي استجابة لمقاصدها الدلالية -بنحو
بلا شفقة ،أمسكت علبة الكريم وبدأت في طلاء المرآة».
الحرمان نفسه يعاود الظهور علنًا كثيمة في عنوان عام -التي تتمثل برفض التستر (بالشال) على كثير
قصة (في وصف حرمان قطة) وفي متنها أي ًضا ،الذي من الأفعال والطقوس والمشاعر السرية التي تبوح بها
يكاد يرسم الأنثى ضحية للذكورة العاجزة جنسيًّا،
التي اكتفت بالمشاهدة والتلصص كوسيلة للإثارة دون القصص بعي ًدا عن التابوات المعروفة ..بل تعمد إلى
المشاركة الفعلية في المشهد لتغيير مساره المنحرف التعبير عنها برؤية فنية لتنتشلها من تهمة الابتذال،
بالتواصل المثلي بين ما أسمته القصة بالقطتين ،بعد التي تلصق دائ ًما بموضوعات من هذا النمط عند أية
أن فشل الرجل في اثبات قدراته على الفعل مرف ًقا مع مقاربة إفصاحية عنها في الواقع ،لاسيما الموضوعات
ذات البعد الجنسي والعاطفي والنفسي التي تقبع خلف
التنظير الذي رسمته تخيلاته« :لم تمنح المنشطات ستار المحرمات الاجتماعية ،ونجحت القاصة في تمرير
الفشل لينتظر طوي ًل ،حضر بينهما كفاصل بين عالمين». التعبير عنها بشعرية السرد ولغته الفنية ..فعلت ذلك
ويتجلى الحرمان بشكل نتيجة عنيفة خلاصتها تتمظهر لتقول لنا إن الشال مهما طال واتسع وتغير لونه لم
يعد قاد ًرا على ستر تلك الموضوعات التي باتت تتكشف
في سلوك ليس غريبًا على امرأتين يصفهما الرجل يوميًّا إن لم يكن سه ًوا فعم ًدا ،وإن لم يكن بالاثنين
بالقطتين ،سلوك تعبر عنه الجملة الأخيرة من القصة فبالفن الذي يسلط كامرته عليها بلقطة ( )ZOOMكما
«في غيبوبته السادرة أنشبتا أنيابهما وأظافرهما به،
تركاه مز ًقا ،خرجتا تسعيان» ،هنا يبدو الجميع ضحية،