Page 103 - m
P. 103
101 إبداع ومبدعون
القصة
مضحك ،ليعود إلى شقته مسر ًعا بعد الاستجواب أذني؛ قبل أن أنهي حكاياتهم أيها العازف.
فيراك تنتظره ،وقد غزلت له من خيوط الشمس الشيخ المنكفئ على عكازه ،ما زال يحبو خلف نغمك
فوق كفك ور ًدا من بياض ،بعد أن ضرب له الخيال
سبعة مواعيد من قبل ،فتشدوا له بأنغامك كي في الطريق ،والطريق طويلة ،وأنت البعيد القريب،
يلقاك على باب المدينة التي ما غاب عنها النور. كنت تنتظره ولم أ ُب ْح .كان فقي ًرا بشارب أبيض
النهر ارتدى وجه إنسي ،وسار خلف رجل له ملمح
الكبر ،على جبهة الرجل المُتعرقة اسمه ،وطوال مفتول نهايته ،الجدار يبكي نقوشه ،والفقير رزقه
سير ِه يسمع وخز سؤال المراكبي النحيل ،فيهرول على الله ،وأنت تجمع بجوف عباءة خضراء لرج ٍل
الرجل بحزنه هر ًبا إليك .فلا تضرب بأنغامك فوق له ملامح البهاء؛ كل الحكايات من فوق جدار الجير
رأسي ،قبل أن أنتهي أيها العازف. المالح ،علها تكون ال َّس َند لزوجة هجرها زوجها
الجلاد يهرول؛ كي ُيبدي الأسف لرجل يشبه صوب مدينتك ،رأيتك معه وأنت ترتدي بدلة سمراء
المسيح .الجلاد فوق كتفه صليب ،وفي كفه مرآة
تشبه الليل ،وقمي ًصا أبيض يشبه النهار ،وتضع
كلما حدق فيها يرى وجه معذبه يضحك. بين كتفك وصدغك ما يشبه الكمان ،تمسح بالقوس
التفاصيل لك ،والنهايات لهم..
على الأوتار ،فتخرج النغمة؛ التي تكررها مرغ ًما،
السيدة التي تحمل الذكريات أثقا ًل بقلبها ،يخلو فبالله عليك لا تضرب بها في أذني قبل أن أكمل.
لها الشارع ،ترى ابنها ما زال يدور ببيون أبيض، الصياد الذي كان يصطاد الحزن ب ِصنارته؛ يغني
في ممرات حديقة بلاستيكية ،يقطف سنين عمره؛ مع الماء أغنية أخيرة للمسافرة وحدها ،مود ًعا وجه
الماء المعذب بطول الترحال ،من المنبع إلى المصب،
ويعطيها للزبائن فوق صينية لامعة ويمضي..
على كاهلي حملت ما اصطفاني من الحزن؛ ثم ُي َو ِد ُع وجهه على خد الماء؛ بنف ِس وداعه لكل
الوجوه التي قابلها في القطار ،وإلى الأمام يخطو،
حتى عرفتك جي ًدا ،رج ًل في مثل
أجسامنا أو يزيد ،تمضي في هدوء يتسمع عزفك ،فيرمي عن كفه
المطمئنين نحوهم ،ترسم ملامحك اليمنى ِصنارته المُعلقة فيها
سمكة ُبلطية تتلوى ،وعن
في الصمت ،بالضوء الشفيف اليسرى راديو ترانزستور
والظل الباهت ،حتى تتأملك يشدو بأغنية حلوة .يخطو
الوجوه .ها هم الآن عندك، الصياد صوب نغمك،
يعبرون من أمامك ،ينطقون ويسرع إليك خفي ًفا مود ًعا
أسماءهم بصو ٍت واه ٍن لا يجرح الغمام.
النغم؛ ف ُت ْحنِي رأسك برفق سام ًحا الورد يضحك والبستان ُّي
للمقبلين من صفحات حكاياتي يرتدي بدلة صيفية أنيقة
تليق بك ،في يده زهرة
بالدخول ،لتخلو لي حمراء كالشفقَ ،ي َود زرعها
وتضرب بأنغامك على أسوار مدينتك ،بعد أن
َفشل في غرسها في أحواض
في أذني ..أنا من طين يملكها
الذي أرقبك الناس ،ففي
منذ ميلاد لمحة البرق
الخوف في داهمه ال َّد َرك
وقبضوا على
قلبي. معصميه
بجرم