Page 131 - m
P. 131

‫نون النسوة ‪1 2 9‬‬                                                                                            ‫بعض الشعراء حين يوجهون الإهداء لأنفسهم على‬
                                                                                                            ‫طريقة جيمس جويس الذي استهل بعض نصوصه‬
   ‫الترقيم‪ .)119 ،‬لتترك مساحة للقارئ للمشاركة‬
   ‫في كتابة الإهداء عن طريق التأويلات والتوقعات‬                                                                ‫السردية بالعبارة الآتية‪« :‬أهدي العمل الأول في‬
                                                                                                               ‫حياتي إلى روحي الخالصة» (د‪.‬جميل حمداوي‪،‬‬
     ‫التي يفترضها للمسكوت عنه أو المحذوف من‬
    ‫النص‪ ،‬ونلاحظ أ َّن المُهدى له الأ َّول هو شخص‬                                                                               ‫شعرية النص الموازي‪.)98 ،‬‬
     ‫يشبه الشاعرة وصفته بنصفها‪ ،‬وما زالت هنا‬                                                                          ‫فتر َّكب الإهداء من شبه جملة تقول فيه‪:‬‬
   ‫تؤكد على حضور مفردة (نصف) التي سبق لها‬
  ‫استعمالها في عنوان المجموعة‪ ،‬لكنها تخفي هوية‬                                                                                                          ‫إلى‬
‫ذلك النصف ولا تبدي من ملامحه غير أ َّنه يشبهها‬                                                                                   ‫نصف َّي الذي ما زلت أشبهه‬
 ‫بشيء ما مجهو ٌل للقارئ‪ ،‬على خلاف ذلك النصف‬
 ‫الذي صرحت به في العنوان بأ َّنه (نصف احتمال)‪.‬‬                                                                                         ‫أو‪ ...‬ما زال يشبهني‬
 ‫أ َّما المُهدى له الثاني فلم تلمح له أو تصرح به إنما‬                                                                                                    ‫و‬
 ‫أضمرته بنقاط الحذف لتنقلنا إلى المُهدى له الثالث‬
 ‫الذي سبقته بنقاط الحذف أي ًضا‪ ،‬لتعبر عن اتساع‬                                                                                                     ‫‪ ..‬إلى‪...‬‬
  ‫الدلالة أو حاولت أن تسبق مفردة (أمي) بوصف‬                                                                                                           ‫أمي‬
 ‫يليق بها لكنها وجدتها أكبر من أن يحدها وصف‪،‬‬
                                                                                                            ‫واستعملت الشاعرة تقانة الحذف بوساطة النقاط‬
      ‫لذلك تركتها وص ًفا مسكو ًتا عنه يلي ُق ب ُأمها‪.‬‬                                                           ‫الثلاث التي توضع على السطر متتالية أفقيا‬
                                                                                                               ‫لتشير إلى أ َّن هناك بت ًرا أو اختصا ًرا في طول‬
           ‫رؤية في التقديم‬                                                                                      ‫الجملة (عمر أوكان‪ ،‬دلائل الإملاء وأسرار‬

                                         ‫تقديم‪:‬‬
      ‫بيني في الح ِّب وبينك ما لا َي ْق ِد ُر وا ٍش ُي ْف ِس ُده‬
     ‫موايقباو ُلل‪:‬التعكاا ِذد ِلت َيجفتُّنحبهليف َأباق َوبلا‪:‬ل ُّوسأُْلووا ِ ِشن ُكو َأأُ ْعو ُب ِدصه ُده؟‬

                          ‫َقمدْولا َ َضي َيّعوهُراو َ ِسحلِيم ْفتي َي َُيد ِدهه‬
                            ‫ناقو ُس القل ِب يد ُّق ل ُه‬
                           ‫وحنايا ال َأ ْضلُ ِع َم ْع َب ُده‬

  ‫إ َّن ما يلاحظ على التقديم غالبًا ما يكون بقلم غير‬
‫قلم الشاعر أو السارد‪ ،‬أي لا يكتب الشعراء تقدي ًما‬

   ‫لدواوينهم أو مجاميعهم الشعرية بأنفسهم إنما‬
 ‫يستعينون بنقاد وباحثين كبار ليكتبوا تقدي ًما لهم‬
 ‫وأحيا ًنا يكتب شاعر آخر تقدي ًما لشعر غيره‪ ،‬لكننا‬
 ‫نجد الشاعرة تقدم لنفسها في هذه المجموعة وهي‬

     ‫تختا ُر أسلو ًبا مغاي ًرا في التقديم‪ ،‬فنجدها تقدم‬
     ‫لمجموعتها بأبيات شعرية للشاعر الكبير أحمد‬
 ‫شوقي من قصيدته المغناة (مضناك جفاه مرقده)‬
   ‫(أحمد شوقي‪ ،‬الشوقيات‪ ،‬ج‪ ،)6 ،1‬وهي قصيدة‬
      ‫على إيقاع بحر المتدارك الذي يتكون من أربع‬
   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136