Page 162 - m
P. 162

‫العـدد ‪57‬‬                          ‫‪160‬‬

                                         ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

                             ‫‪...‬‬           ‫مشاعري‪ ،‬لكني تيقنت أن إنكا ًرا‬        ‫يم ُّرون أمام شرفات الص َّراف‬
       ‫كث ٌر يؤمنون بالله من باب‬                ‫واض ًحا‪ ،‬أشرف من إيمان‬             ‫بالمصرف السماوي‪ ،‬تلقون‬
   ‫الاحتياط‪ ،‬وأكثر منهم يكرهون‬                                 ‫احتياطي‪.‬‬            ‫بالتحايا وتتقربون لفتحات‬
  ‫المخالفين لعقيدتهم ‪-‬أي ًضا‪ -‬من‬
   ‫باب الاحتياط‪ ،‬وهناك من يحيا‬            ‫وكلما سافر شراع العمر أجدني‬         ‫الشرفة الضيِّقة على أمل تحصيل‬
  ‫طوال حياته تحت بند الاحتياط‪،‬‬              ‫أكثر تعاط ًفا مع «اللا أدريين»‪،‬‬    ‫النقد من صاحب المصرف‪ ،‬فل َّما‬
   ‫وإن لم يسمع ببرهان باسكال‪.‬‬              ‫لاعترافهم الواضح بأن عقولهم‬       ‫غنمتم‪ ،‬مررتم دون تحايا! لا الليل‬
   ‫يبتلع الت َّرهات احتياطيًّا وي َّدعي‬        ‫عشيت عن الوصول لعنوان‬          ‫ساتر ريائكم‪ ،‬لا ولا ُدثر الك َّهان‪.‬‬
                                           ‫الحقيقة‪ِ ،‬عو ًضا عن إدعاء إيمان‬
          ‫الحزن‪ ،‬أي ًضا احتياطي‪.‬‬                       ‫على سبيل ال َحيطة‪.‬‬        ‫أ َّما أنا‪ ،‬فلو تأكدت أن زورقي‬
     ‫‪ -‬فجارتي تصرخ إن وجدت‬                   ‫رفضت هذه الفكرة المشوشة‬          ‫جاث لديه‪ ،‬لآمنت به مهما راعني‬
  ‫حذا ًء مقلو ًبا‪ ،‬و ُتسارع بعدله‪ ،‬لا‬       ‫واسترحت لكوني سمعتها من‬
    ‫هو ًسا بالنظام‪ ،‬لكن احتياطيًّا‪،‬‬                           ‫سيدة أميَّة‪.‬‬          ‫ال َو َجل‪ ،‬لكني أرفض إيمان‬
                                            ‫ف َّرت السنوات‪ ،‬فدرست نظرية‬        ‫لاعب سيرك يقفز على الحبلين‪..‬‬
             ‫فلربما يكون حرا ًما‪.‬‬                ‫الاحتمالات النسبية لعالم‬
   ‫‪ -‬والبروفيسورة تهاتف ابنتها‬                                                        ‫احتياطي إن هاله َخطر‪.‬‬
   ‫من الجامعة الأمريكية لتتحرى‬           ‫الرياضيات «باسكال»‪ ،‬والتي ُبني‬       ‫قد يكون صوابي في حيرة‪ ،‬لكني‬
                                         ‫عليها رهان طريف عرف بـ»رهان‬
       ‫عدم تركها المقص منفر ًجا‪،‬‬                                                      ‫واثق أن زعمكم َضلال‪.‬‬
    ‫احتياطيًّا‪ ،‬فلربما كان سببًا في‬           ‫باسكال»‪ ،‬ومفاده الاحتجاج‬          ‫إنكم لتجترون تمائمكم ك ِدروع‬
 ‫المشاجرة التي نشبت بينها وبين‬                ‫بأفضلية الإيمان بالله بشكل‬        ‫َتس َتجي ُرون ِب ِها‪ ،‬ولكم ُيسيئني‬
                                            ‫احتياطي‪ ،‬لأن م َغبَّة الكفر أشد‬  ‫فحيح دعائكم وضجيج شعائركم‪،‬‬
                ‫زوجها بالأمس!‬             ‫ضراوة من عاقبة الإيمان‪ ،‬بغض‬
     ‫‪ -‬نسا ٌء يعتقدن أن إلقاء الماء‬         ‫النظر عما إذا كان الله موجو ًدا‬       ‫ترجمون إبليس وتنسون أن‬
     ‫الساخن فى المراحيض جالب‬                                                 ‫الحجارة في قلوبكم‪ ،‬ثم تتسائلون‬
     ‫لغضب الأسياد‪ ،‬فاحتياطي‪..‬‬                               ‫بالفعل أم لا!‬
                                          ‫إذن‪ ،‬ففكرة الأم الأمية هي ذاتها‬        ‫عن ال ِّس ِّر وراء َهجري دي َنكم؟‬
              ‫يمتنعن عن إلقائه‪.‬‬            ‫«رهان باسكال» الصادر بالقرن‬                                    ‫‪...‬‬
      ‫‪ -‬و ُي ْح ِجم البعض عن قص‬
‫الأظافر لي ًل أو حلق الشعر سوى‬                  ‫السابع عشر‪ ،‬والذي يمكن‬          ‫كان ذلك أول تع ُّرف لي بنظرية‬
      ‫لثلاثة أيام بمنتصف الشهر‬                    ‫اختصاره في نقاط أربع‪:‬‬                 ‫«الإيمان الاحتياطي»!‬

               ‫العربي‪ ،‬احتياطيًّا‪.‬‬             ‫‪ -1‬إن آمنت بالله وكان الله‬      ‫يومها‪ ،‬باغتتني ُمفردة «أونطة»‪،‬‬
   ‫يبدو أن الناس عبيد مخاوفهم!‬                ‫موجو ًدا‪ ،‬فجزاؤك الخلود في‬     ‫لشعوري أن «الإيمان الاحتياطي»‬
‫لكن‪ ،‬أما آن أوان استخدام مبيدات‬                ‫الجنة‪ ،‬فربحك غير محدود‪.‬‬
  ‫لمقاومة القمل الفكري الذي ح َّط‬              ‫‪ -2‬إن لم تؤمن بالله وكان‬         ‫بمثابة تحايل لاستغفال الخالق‬
                                              ‫موجو ًدا‪ ،‬فجزاؤك الخلود في‬     ‫بتقديم عرض «صيني» على الباقة‬
       ‫وتناسل في رؤوس العباد؟‬               ‫جهنم‪ ،‬خسارتك غير محدودة‪.‬‬
                             ‫‪...‬‬              ‫‪ -3‬إن آمنت بالله وكان غير‬                            ‫الإيمانية‪.‬‬
                                               ‫موجود‪ ،‬فلا جنة لك‪ ،‬وتلك‬          ‫فأنا كمخلوقة أرفض أن أكون‬
  ‫ويبقى الحديث عن أم الخرافات‬                                                   ‫دمية لعاشق أو لقالي‪ ،‬يضعني‬
   ‫«العين» والتي تندرج تحت بند‬                          ‫خسارة محدودة‪.‬‬
   ‫«الباراسيكولوجي» المصنَّف في‬                ‫‪ -4‬إن كفرت بالله ولم يكن‬            ‫على الرف‪ ،‬احتياطي‪ ،‬كي لا‬
                                             ‫موجو ًدا‪ ،‬فلن ُتعاقب أو تثاب‪،‬‬             ‫يخسرني إن احتاجني‪.‬‬
    ‫الأوساط العلمية كعلم زائف‪:‬‬            ‫لكنك ستعيش حياتك‪ ،‬وهذا ربح‬
     ‫‪ -‬لم أقابل في محيطي من لا‬                                                ‫أيقبل الخالق أن تعبده احتياطيًّا؟‬
      ‫يخشى العين‪ ،‬ولو من باب‬                                     ‫محدود‪.‬‬        ‫أ َت ِخيل «الأونطة» على الله؟ أ ُبل َيت‬

                      ‫الاحتياط‪.‬‬                                                    ‫ُعقولهم أم قلوبهم آسنات؟!‬
                                                                                  ‫وإن راهنَّا على جهل الإنسان‬
                                                                               ‫ومآله لرفات‪ ،‬فكيف نراهن على‬

                                                                                             ‫علم الله الباقي؟!‬
                                                                                     ‫عجزت يومئذ عن صياغة‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167