Page 14 - مجلة دلمون العدد 25 يونيو 2019م
P. 14
الرق في الخليج
الرقيق الأبيض بداي ًة ،يمكن تعريف ال ِّر ُّق :بأنه تقييد حرية شخص
إذن ،ليس كل الرقيق أسود أو أسمر ،فشجرة الدر، بشخص آخر ،أو امتلاكه عن طريق الإكراه .وهو
على سبيل المثال فقط ،كانت جارية تركية ،أرسلها مصطلح يتعلق بالإنسان عندما ُيستعبد فيصبح
الخليفة المستعصم العباسي ،هدية إلى الملك
الصالح أيوب بمصر .وعندما ُأعجب بها الملك الصالح كسلعة يتم شراؤها وبيعها.
ووقع في حبها ،أعتقها من الرق وتزوجها .وعندما وللأسف نقول بأن العبودية والرق دخلت تاريخ
بلغ الخليفة المستعصم خبر تولية شجرة الدر، البشرية مع بداية الحضارة .فقد كانت هناك فائدة
ذات الحجاب الجميل والستر الجليل ،عرش مصر، حقيقية في وجود مصدر ثابت للعمالة الرخيصة،
استشاط غضبًا ،من فكرة تولي عرش مصر امرأة، لا تكلف أكثر من الحد الأدنى من الغذاء والسكن،
كانت في الأصل جارية له .فأرسل رسالة شديدة وهذه هي شروط ال ِّر ُّق .وكل الحضارات القديمة
استخدمت الرقيق ،وهو ما يثبت أن الحصول
الغضب واللهجة بهذا الشأن لحاكم مصر.
عليهم كان أم ًرا سهل ًا.
أوروبا وتجارة الرقيق فمن مراجعة معظم المصادر المتوافرة ،نجد أن
ليس هناك إحصائيات مؤكدة لعدد الرقيق المصدر العبودية كانت متأصلة في الشعوب القديمة.
من القارة الأفريقية إلى خارجها للدرجة التي أدت فالرقيق قامت علي أكتافهم الحضارات الكبرى
لحدوث نقص في سكانها؛ إلا أنه ُيخمن بأن هناك في العالم القديم .مثل ًا ،الإمبراطورية الرومانية،
أكثر من 17مليون أفريقي تم تصديرهم خارج والإغريقية ،وممالك الفراعنة ،والإمبراطوريات
القارة السمراء ،عبر البحر والصحراء فقط في الفترة الصينية والفارسية ،وغيرها .ولذا ،لم تكن ظاهرة
ما بين القرون السادس عشر والتاسع عشر للميلاد. الاسترقاق اختراعا أوروبيًا صرفا ،فهي ظاهرة ظلت
وفي القرن الخامس عشر ،مارس الأوربيون تجارة ملازمة للمجتمعات القديمة وعلى امتداد الجغرافيا
رقيق الأفارقة ،عندما كانوا يرسلونهم قسرًا إلى والتاريخ وصولا إلى أعتاب الأزمنة المعاصرة .غير أن
العالم الجديد ليعملوا في زراعة الأراضي الأمريكية. ما يميز العبودية في شكلها الأوروبي أنها تحولت
وقبلهم كان البرتغاليون ،يمارسون اصطياد إلى تجارة مكثفة تستهدف جنسا محددًا ،ومن
الأفارقة وبيعهم في أسواق النخاسة في لشبونة. رقعة جغرافية معينة ،ونعني بها أفريقيا السوداء
حيث كانوا يرسلون سنويا إلى البرتغال ما بين 700
ــ 800عبد من مراكز تجميع العبيد علي الساحل وسكانها.
الغربي لأفريقيا بعد أن ُيخطفون من بين ذويهم. كما أنه ،لم تكن تجارة الرقيق تاريخيًا مقصورة
كما فعلت إسبانيا نفس الفعل في القرن السادس على شعب معين لونًا ،أو عرقًا ،أو دينًا .فلو راجعنا
عشر ،ليعملوا في الزراعة في الأراضي الجديدة سجلات تجارة العبيد خلال القرنين الثامن والتاسع
بالأمريكيتين بالسخرة .ثم دخلت بريطانيا منذ الميلاديين ،سنجد أن معظم الرقيق كانوا من دول
العام 1562م ،حلبة تجارة الرقيق .ولهذا شهد أوروبا الشرقية ،وكذلك من شعوب منطقة البحر
القرن السابع عشر تنافسا شديدا بين الشعوب المتوسط ،ومن الفرس ،ومن الأتراك ،ومن شعوب
منطقة القوقاز بقارة آسيا ،مثل جورجيا وأرمينيا،
وكذلك من أفريقيا.
14