Page 18 - مجلة دلمون العدد 25 يونيو 2019م
P. 18

‫الرق في الخليج‬

‫الزمن يصل إلى ‪ 25‬يوم أحيانًا؛ كانت السفينة‬           ‫تم ارسال ما بين ‪ 20-6‬ألف رقيق‪ .‬وفي غضون فقط‬
‫تتهادي في عرض البحر‪ ،‬وهي في حالة يرثي لها من‬         ‫سبع سنوات ما بين ‪ ،1876 -1870‬تم ارسال حوالي‬
‫عدم الصيانة الطويلة والوزن الزائد الذي يجثو على‬      ‫‪ 300‬ألف عبد الى بلاد العرب والخليج والهند‪ .‬وفي‬
‫سطحها أو يئن من الألم في جوفها‪..‬فبين شهري‬            ‫المحصلة العامة نجد أنه تم ارسال أكثر من ‪ 2‬مليون‬
‫نوفمبر وفبراير من كل عام تنطلق تلك السفينة‬           ‫من الرقيق إلى الخليج شبه الجزيرة العربية من‬
‫العربية وغيرها‪ ،‬إلى شرق أفريقيا‪ ،‬كما حدث لغرب‬
‫أفريقيا عن طريق السفن الأوروبية؛ للتعامل في‬                              ‫زنجبار بين أعوام ‪1873 -1830‬م‪.‬‬
‫تجارة اصطياد وبيع الرقيق‪ .‬تلك السفينة الموعودة‬       ‫‪ -‬نصف مليون عبد من شمال النيل وإثيوبيا عبر‬
‫كانت قادمة من زنجبار إلي ميناء صور ال ُعماني‪.‬‬        ‫البحر الأحمر تم شحنهم إلى شبه الجزيرة العربية‬
‫على ظهرها عدد ‪ 169‬من الرقيق تم اصطيادهم‬              ‫والخليج‪ ،‬أكثرهم شباب تحت سن الـ ‪ 15‬ومعظمهم‬
‫من شرق إفريقيا‪ ،‬بعضهم أطفال لا يتعدون الثلاث‬         ‫فتيات‪ ،‬وقد تعرض معظمهن للاغتصاب على يد‬
‫سنوات‪ ،‬قد نالتهم وحشية من قام باصطيادهم‬              ‫تجارهم قبل بيعهن‪ ،‬حتى كان الرحالة الأجانب‬
‫وحرمانهم من عائلاتهم‪ ،‬وقسوة التجار الذين‬             ‫يشاهدون الرقيق في كل مكان على الطرقات في‬

       ‫نقلوهم من هناك للبيع في منطقة الخليج‪.‬‬                                    ‫مطلع القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫ولكن ظهور السفينة الحربية الانجليزية «فلشر»‬          ‫في القرن التاسع عشر معظم الرقيق الأفريقي كانوا‬
‫فجأة في المياه الأفريقية أمام سفينة تجار الرقيق‬      ‫ُيصدرون من شرق أفريقيا إلى الخليج عبرميناء صور‬
‫تلك؛ أذهلتهم وأربكت تصرفاتهم عبر محاولة‬              ‫ومسقط‪ ،‬ثم من هناك إلى موانئ الشارقة‪ ،‬ودبي‪،‬‬
‫هروبهم بصيدهم البشري الثمين‪ .‬ونقل ًا عن جريد‬         ‫ورأس الخيمة‪ ،‬وبندر عباس‪ ،‬ولنجة‪ ،‬والبصرة‪ .‬وكان‬
‫«التايمز» الهندية‪ ،‬التي ذكرت بأنه «من المستحيل‬       ‫ُجل عمل الرقيق في الخليج بعد شرائهم يتركز‬
‫للوهلة الأولي تقدير عدد العبيد الذين احتشدوا‬         ‫في أعمال الجندية‪ ،‬والزراعة‪ ،‬والعمل في السفن‬
‫على ظهر السفينة أو في أسفل مخازنها لدرجة‬             ‫النهرية‪ ،‬أو خدم في القرى والمدن عند الطبقات‬
‫تبدو معها أنه لولا مظهر البؤس لكان المكان عبارة‬
‫عن «عش النمل»‪ .‬ومن الوقت الذي نقل فيه الرقيق‬                    ‫الغنية‪ ،‬أو في مهنة الغوص على اللؤلؤ‪.‬‬
‫من تلك السفينة التعسة إلى السفينة «فلشر»‬             ‫‪ -‬ويري (لوريمر) بأن حضور العبيد في مختلف‬
‫ونزولهم إلى جزيرة في (بومباي)؛ مات ‪ 15‬من ‪،169‬‬        ‫سواحل الخليج كان ُيشكل من ‪ %1‬في البصرة‬
‫ثم من ذلك الحين زادت نسبة الوفيات بينهم‪...‬‬           ‫إلى ‪ % 11‬في الكويت‪ ،‬و‪ %25‬في مسقط ومطرح‪،‬‬
‫كثير من الأطفال كانوا صغار‪ ،‬ومعظمهم يحملون‬
‫آثار قسوة من جروح لم تلتئم بعد وكدمات ناتجة‬                               ‫و‪ %28‬على الساحل المتصالح‪.‬‬
                                                     ‫‪ -‬في فترة عهد محمدعلي باشا؛ تم تصدير ما بين‬
                                ‫من السوط والعصا»‪.‬‬    ‫‪ 10,000‬إلى ‪ 12,000‬من الرقيق استخدموا في‬
                                                     ‫الخدمة المحلية‪ :‬بناءون‪ ،‬حمالون‪ ،‬محظيات‪ ،‬ع ّمال‬

                                                                                    ‫ميناء‪ُ ،‬ك ّتاب‪ ،‬مزارعون‪.‬‬

                            ‫من إثيوبيا إلى الكويت‬                    ‫روايات عن الرق في الخليج العربي‬
‫في يوم ‪ 8‬يونيو من العام ‪1907‬م‪ ،‬ظهر رجل‬                                                        ‫“عش النمل”‬
‫في حوالي الـ ‪ 30‬من العمر في مبنى المعتمدية‬
‫السياسية البريطانية في الكويت قائل ًا انه كان عبدًا‬                      ‫الزمان‪ ،‬أكتوبر من العام ‪1872‬م؛‬
‫مملوكا لمدة ثلاث سنوات مضت لسيد أحد البيوت‬                                ‫المكان‪ ،‬قبالة الساحل الأفريقي؛‬
‫الكويتية ُيدعى عبدالعزيز فهد‪ .‬وانه اختطف من‬                   ‫المصدر‪ ،‬عدد من جريدة «التايمز» الهندية‪.‬‬
                                                     ‫على طول مسافة ‪ 2500‬ميل بحري‪ ،‬وبوقت من‬

‫‪18‬‬
   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23