Page 19 - merit 50
P. 19
17 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
تخلو من أي كلمة فيها شبه
العامية أو الاستعمال
الدارج» .وقد حاول عبد
الصبور أن يتجاسر
بالخروج على القاموس
الشعري العربي منذ
ديوانه الأول «الناس في
بلادي» ( .)1956وشهدت
قصائده مثل (الحزن)،
و(شنق زهران) ،و(الملك
لك) والقصيدة التي تحمل
اسم الديوان خرو ًجا على
عمود اللغة الشعرية،
وتناولت مواضيع من
الحياة اليومية بلغة
فيديريكو غارثيا لوركا شارل بودلير ت .س .إليوت بسيطة متداولة ،يقول في
قصيدة (الحزن):
يا صاحبي إني حزين
طلع الصباح فما ابتسمت ولم ينر وجهي الصباح
(الحزن): وخرجت من جوف المدينة أطلب الرزق المتاح
حزن تمدد في المدينة،
كاللص في جوف السكينة، وغمست في ماء القناعة خبز أيامي الكفاف
كالأفعوان بلا فحيح..
صورة شعرية فيها أصداء من تشبيه إليوت للمساء ورجعت بعد الظهر في جيبي قروش
في قصيدته «أغنية حب ألفريد جي .بروفروك»:
فلنذهب سو ًّيا ،أنا وأنت، فشربت شا ًيا في الطريق،
عندما يتمدد المساء على السماء، ورتقت نعلى
كتمدد مريض مخدر على منضدة..
ويقول عبد الصبور في قصيدة (لحن) من ديوان ولعبت بالنرد الموزع بين كفى والصديق
(الناس في بلادي): قل ساعة أو ساعتين،
جارتي ..لست أمي ًرا
لا ،ولست المضحك الممراح قل عشرة أو عشرتين
في قصر الأمير. وضحكت من أسطورة حمقاء رددها الصديق
وفي هذا اقتباس /تناص لقول إليوت في قصيدته
ودموع شحاذ صفيق..
«أغنية حب الفريد جي .بروفروك»:
لا ..لست أنا الأمير «هاملت» لم يمر هذا التجاسر اللغوي بسلام ،فقد صدم
ولا قصدت أن أكون..
الذوق الأدبي آنذاك .فدار حوله حديث كثير،
وتهكم بعض الأصدقاء والنقاد من مفردات
كـ»الشاي ،والنعل المرتوق» .ثم توالت بصمات
إليوت العميقة في دواوين عبد الصبور اللاحقة
على مستوى المعاني والأخيلة والرؤى والتفاعل
والانفعال المزاجي الشعري .ومن ثم استقر هذا
التماهى في غير ما تكلف أو تصنع .ولعل كثي ًرا من
الأخيلة الشعرية نبع إلى حد ما من تشابه التجربة
والأمزجة الشعرية .يقول عبد الصبور في قصيدة