Page 73 - merit 50
P. 73

‫‪71‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

‫المشاكسة لرتابة حياة يسعيان بكل ما يواتيهما من‬           ‫واحتياجاتهم الملحة‪ ،‬لا بطلبات زوجة عانت في‬
   ‫حنكة وقدرة على المخاتلة إلى الحفاظ على سلامة‬           ‫سبيل عشقها الكثير ومن حقها الحصول على‬
      ‫مسارها‪ ،‬أمام أبنائهما والأصدقاء على الأقل‪،‬‬      ‫التعويض المناسب بعد (فورة) الغنى التي حظي َت‬
      ‫مقتنصين اللذة الحقيقية في غرفة فندق تعود‬
     ‫جدرانها بهما إلى وهج الشباب‪ ،‬كما لو كانا في‬                             ‫بأسرع مما كنت أتوقع‪.‬‬
                                                        ‫ابنتان وولد‪ ،‬ما بين المرحلة الثانوية والجامعية‪،‬‬
 ‫غرفة الاعتراف تما ًما‪ ،‬اعتراف يطلب الغفران دون‬     ‫إحدى البنتين معقود قرانها من ابن أحد رجال المال‬
‫النطق بكلمة‪ ،‬مع ذلك لا ينتظر أي منهما هبة البداية‬       ‫والسلطة‪ ،‬زواج تقليدي لم تمانعه ما إن فرضه‬
‫بصفحة بيضاء خالية من الذنوب والآثام‪ ،‬وفي ذات‬            ‫عليها والدها الحبيب‪ ،‬مما أثار سخطي بقدر ما‬
 ‫الوقت يتخ َّوف كل منهما فقدان آخر خيط يربطهما‬      ‫انتابني من فرح‪ ،‬مثل كل تباين وتذبذب في المشاعر‬
                                                      ‫أخذ يجتاحني بوتير ٍة متصاعدة حتى صار الحب‬
  ‫من جدائل غزلتها السنون على مهل ما بين عش ٍق‬       ‫بالنسبة لي أقرب إلى أحجية شديدة التعقيد وعسيرة‬
‫وجفاء عم ًل على مراوغة دبيبه ثقيل الوطء‪ ،‬وبوتير ٍة‬
                                                                                              ‫الحل‪.‬‬
                       ‫متزايدة‪ ،‬عبر ثنايا العقود‪.‬‬       ‫سيسافران بعد الزواج ليستق َّرا في الخارج‪ ،‬كما‬
    ‫ركب ْت إلى جانبه في سيارته الفارهة التي أخذت‬      ‫خطط والده‪ ،‬كي يباشر ابن الثراء والسلطة المدلل‬

       ‫تسير بسرعة في شوارع المدينة‪ ،‬بينما ضياء‬            ‫أعماله ويدير ثروته المه َربة أمام أعين الجميع‬
  ‫الفجر ينساب في الأفق ويتدانى منهما مع دوران‬         ‫المتفقين على التغاضي (المهاب) فيما بينهم‪ ،‬بما في‬
   ‫العجلات‪ ،‬كما لو كانا في مهمة لم يكن من سبيل‬        ‫ذلك وسائل الإعلام المتحرية كشف الفساد دو ًما‪،‬‬
                                                       ‫وبالتأكيد زوجي (المخلص) لديه نصيب من تلك‬
                      ‫لتأجيلها حتى حلول النهار‪.‬‬
 ‫هجس ْت أنه يمكن أن يتوقف بالسيارة في أي مكان‬            ‫الأعمال المتخفية بين ركام بلادنا‪ ،‬ولعله ينوي‬
                                                      ‫اللحاق بهما ما إن يتخلص من وجودي (الحميم)‬
      ‫ليجبرها على النزول‪ ،‬كما لو أنه التقط عاهرة‬
    ‫من الشارع‪ ،‬يخبرها أنه قد انتهى منها وللأبد‪،‬‬          ‫في حياته‪ ،‬لكن إن فعل شيئًا مثل هذا ح ًّقا فهو‬
    ‫فلا يرغب بوجودها في حياته مستقب ًل‪ ،‬كما أنه‬                              ‫بالتأكيد لم يعرفني بعد‪.‬‬
  ‫سيستبدلها بامرأة أخرى‪ ،‬شابة فاتنة‪ ،‬وتصغرها‬
   ‫بعشرين عا ًما أو أكثر‪ ،‬والأهم من هذا لن تخطط‬                         ‫***‬
  ‫لسرقته بأساليب إبليس لتقيم مشاريعها الخاصة‬
 ‫من وراء ظهره بحجة تأمين مستقبلها الذي تزداد‬        ‫خرجا من الفندق الذي اعتادا الإقامة فيه مدة شوق‬
    ‫مخاوفها بشأنه مع تمدد كل تجعيد في قسمات‬           ‫أحدهما للآخر‪ ،‬كنوع من التجديد لإثارة الحماس‬
   ‫وجهها‪ ،‬قبل أن تسارع بمحوه عبر وخز خفيف‬               ‫والشبق المحتجبين خلف زحام الحياة وضغوط‬
                                                          ‫العمل وصخب الأبناء‪ ،‬رغم مغادرتهم مرحلة‬
                   ‫ومتتابع من إبرة (البوتوكس)‪.‬‬         ‫الطفولة‪ ،‬وتقلب المزاج‪ ..‬عسى أن تنجح مثل تلك‬
  ‫لكن أ ًّيا من هذيان توجسها لم يحدث‪ ،‬فقط راحت‬       ‫المغامرات الغريبة عن الجدية البادية على ك ٍّل منهما‬
‫السيارة تمرق من شارع لآخر حتى وصلا بيتهما‪،‬‬           ‫في إعادتهما إلى ألق البدايات‪ ،‬ولو لحين من الوقت‪،‬‬
                                                          ‫تحت وقع شهوانية يفتقد جموحها‪ ،‬إلا قلي ًل‪،‬‬
     ‫همس لها عند عتية الباب الداخلي وهو يفتحه‪،‬‬
   ‫بابتسامة بدت لها جد متصنعة‪ ،‬أنهما سيعاودان‬       ‫فراشهما الوثير‪ ،‬خاصة عندما يكون في غمار إحدى‬
                                                                       ‫مغامراته الخاصة بمنأى عنها‪.‬‬
     ‫لعب دور العاشقين السريين في أقرب فرصة‪،‬‬
‫فأومأت برأسها إشارة الموافقة في حياء عروس أول‬          ‫يبدوان فع ًل كعاشقين يتسللان خفية عن الأعين‬
‫ليلة الزفاف‪ ،‬بينما سطع في عينيها لمعان خبره جي ًدا‬     ‫التي تترصدهما طول الوقت‪ ،‬وفي كل مكان‪ ،‬كي‬
                                                     ‫تعثر عليهما متلبسين بعريهما دون وهبهما فرصة‬
  ‫عندما تحضر لأم ٍر ليس له أن يكشف سره إلا إن‬           ‫للإنكار أو الهروب من لعنة المواجهة‪ ،‬شيء من‬
                                 ‫شاءت له بذلك‪.‬‬           ‫الجنون المضحك يصران على التمسك بشقاوته‬
   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78