Page 77 - merit 50
P. 77

‫‪75‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                      ‫حتى أحصل على صورة شاملة‪ ،‬أدرت وجهي إلى‬
                       ‫اليسار أرى با ًبا يشبه بابي‪ ،‬بل هو بابي نفسه!‬
                   ‫إنني أطرق باب جاري الثمل لوقت لا أدري كم طال‪،‬‬
                    ‫جا ٌر لم تزره البسمة مطل ًقا‪ ،‬أو على الأقل مذ قدمت‬
                     ‫إلى هذا الحي ِلزيد من عامين‪ ،‬أنا في غنى عن هذا‬
                    ‫الشجار الذي لن أجن َي منه سوى المشاكل‪ ،‬اختلطت‬
                   ‫لد َّي مشاعر الفرح بأنني لن أبيت في العراء ومشاعر‬
                      ‫القلق من مواجهة رجل لم تتسرب البشاشة يو ًما‬
                        ‫إلى وجهه العبوس‪ ،‬بخفة انتقلت إلى بابي الذي‬

                           ‫أخطأ ُته برعونة منذ الوهلة الأولى‪ ،‬لا أدري‬
                                    ‫كيف لم تشتد أواصر المحبة بيننا‬
                                    ‫طيلة هذه الشهور‪ ،‬أدخل ُت المفتاح‬
                                      ‫بسرعة ثم أدرته بهدوء لا أريد‬
                                            ‫أن أكشف نفسي لجاري‬
                                        ‫المخبول‪ ،‬انفتح الباب فأغلقته‬
                                      ‫ورائي ثم أسند ُت ظهري عليه‪،‬‬
                                    ‫انفتح باب في المقابل‪ ،‬خرج الجار‬

                                 ‫الملعون وهو ُيتمتم بكلمات لم أتبينها‬
                              ‫جي ًدا لكن لا يبدو‪ ،‬أب ًدا‪ ،‬أنها لطيفة‪ ،‬كأنه‬
                            ‫يتوعد أح ًدا‪ ،‬يتوعدني! لم يلبث كثي ًرا حتى‬
                            ‫دخل بيته وح ُّر أنفاسه يملأ المكان‪ ،‬فأغلق‬
                            ‫بعدها الباب بعنف‪ ،‬لعله ظن أنه يتوهم من‬

                                         ‫فرط الثمالة أو لس ُت أدري‪.‬‬
                           ‫مرت الأيام بعد تلك الحادثة الغريبة‪ ،‬وكلما‬
                            ‫صاد َف ْت عيناي الوجه المكفهر لجاري‪ ،‬أراه‬

                               ‫يرمقني بنظرا ٍت غريبة لا أعتقد أنه هو‬
                             ‫نفسه يعرف كنهها‪ ،‬فأتمادى في تجاهله‪،‬‬

                                ‫وصر ُت من تلك الليلة أعرف باب بيته‬
                             ‫أكثر من نفسي‪ ،‬با ٌب صار مميزا عن كل‬

                                   ‫الأبواب الأخرى أكثر من ذي قبل‪.‬‬
   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82