Page 8 - merit 50
P. 8
العـدد 50 6
فبراير ٢٠٢3
طب ًعا إن خلصت النوايا وتوفرت الشفافية، قتله شرطي بالضغط على رقبته ،أو ترديد
وإن لم يكن الخارجون على القانون هم أنفسهم مقولة منسوبة لرئيس وزراء بريطاني أسبق
المنوط بهم تنفيذه وحمايته! غير أن المجتمعات «حين يتعلق الأمر بالأمن القومي لا تحدثني
الهشة في الدول المقموعة تحتاج إلى المساعدة عن حقوق الإنسان»! وكأن حالات الظلم
ممن يفهمون في القانون وآليات تنفيذه ،ولا المتفرقة العشوائية التي يتم محاسبة المسئول
عنها سري ًعا ،تتساوى بالظلم الممنهج الدائم،
يخافون من الشرطيين و ُح َّجاب المحاكم. الذي تسبب في (كره) المواطن للمحاكم وأقسام
في النهاية ..من مصلحة أي حاكم أن تكون
لديه مؤسسات معارضة قوية :أحزاب ونقابات الشرطة ،وكأن الظلم هناك يبرر الظلم هنا!
وبرلمانات وإعلام ومؤسسات مجتمع مدني، لكن أسوأ ما تتعرض له منظمات المجتمع
قانونية وحقوقية ،فمن ناحية تضع هذه المدني في الديكتاتوريات العتيقة –من وجهة
المؤسسات صو ًرا حقيقية للأوضاع الداخلية نظري -هو تقنين الاضطهاد ،أي أن توعز
أمام متخذ القرار ،بحيث لا يكون كل ما يسمعه السلطات الحاكمة والمتحكمة لبرلماناتها التابعة
هو الإشادة بقراراته ،والتغني بقدراته الخارقة أن تسن قوانين تقيد حركتها ،وتج ِّرم أي فعل
وإنجازاته الفارقة ،ومن ناحية أخرى تش ِّك ُل تقوم به .هذا الشكل من أشكال الاضطهاد
متن َّف ًسا للناس يستطيعون التعبير من خلالها
هو الأسوأ من بين الأشكال والممارسات
عن مظالمهم في الأطر المشروعة ،لأن الكبت الأخرى ،مثل التشويه الإعلامي ،أو الاستهداف
المتواصل يؤدي إلى الانفجار في وقت ما لن
يكون في صالح السلطات بحال ،أو قد يؤدي الشرطي ،لأن الأصل أن تجد هذه المؤسسات
إلى حالات متطرفة من المعارضة ،إن توفر مساحات واسعة لحركتها ،فهي –في الأساس-
الأمان للمعارض أو توفرت النية التي تغذيها
موروثات دينية و َق َبلية ،ولا أظن أن أي حاكم تساعد الدول على إقرار العدل ،وكشف أي
يريد أن يصل إلى هذه النقطة التي سيدفع خروقات للقانون تحدث على أي مستوى،
ثمنها غاليًا ،ليس هو وحده ،بل إن الأوطان فالسلطات تخدم شعوبها كما تقول! التناغم
–إن حدث -يصب في مصلحة الحكومات
نفسها تعاني من (دمار) تلك الانفجارات
اللحظية لسنين طوال. الشفافة التي لا تتسامح مع موظفيها
الخارجين عن القانون ،الذين يستخدمون
في حوار مع صديق أستاذ علوم سياسية قال السلطات المخولة لهم لإرهاب الناس والتنكيل
لي إن المفكرين الفرنسيين الذين كانوا يؤيدون بهم ،وهو يحدث –بنسب قد لا تكون فائقة-
في الدول الديمقراطية ،لكن الديكتاتوريات في
الثورة ودفعوا نحوها ،تراجعوا بعد ذلك الغالب لا يكون لديها وقت كا ٍف لتستمع إلى
وأعلنوا ندمهم ،فالثورات ليست الحل الأمثل
لمشكلات المجتمعات بالنظر إلى ما تخلِّفه من المظالم وتحاسب الظالمين!
فوضى ،ومن تراجع اقتصادي ،ودمار وحرق الديكتاتوريات لا تفهم أن تقوية المجتمع المدني
وقتل ..إلخ .اتفقت معه في مبدأ أن التغير يرفع عن كاهلها أعباء كثيرة ،لأن المجتمعات
السلمي هو الأفضل على الإطلاق ،لكن أدواته القوية لديها القدرة على التعامل مع الأزمات
لا تتوفر أمام جميع الشعوب بنفس القدر ،أو
بشكل آلي ،فهي كفيلة –مث ًل -بمواجهة
قد لا تتوفر على الإطلاق في الديكتاتوريات جشع التجار وغلاء الأسعار بتنظيم حملات
المزمنة ،ولا تجد الشعوب أمامها أي أمل لتغيير مقاطعة مؤثرة ،وتستطيع أن توصل صوتها
هادي ،بانتخابات نزيهة مث ًل ،أو فترات محددة للسلطات التي قد لا تكون على دراية بالأزمة،
بشكل سلمي ،وقوتها تكون عامل ردع ذاتي
للحكم ،أو مواد دستورية تحترمها الأطراف
جميعها ،لذلك لا تجد أمامها سوى الغضب للخارجين عن القانون والذين يستغلون
السلطة بشكل جائر ..كل تلك الأشكال السلمية
وغيرها تساعد الأجهزة الرسمية على القيام
بدورها في الرقابة والتنفيذ بشكل أسلس ،هذا