Page 109 - merit 50
P. 109

‫تجديد الخطاب ‪1 0 7‬‬                      ‫الأنصاري (زيد بن ثابت‪ ،‬عبد‬           ‫من المعرفة والتركيز على «جميل‬
                                     ‫الله بن الزبير‪ ،‬سعيد بن العاص‪،‬‬           ‫الإسلام» المعتدل الذي تعودته‪.‬‬
    ‫الاختلاف بين مصحف الشام‬
  ‫والمصاحف الأخرى (يونس ‪22‬‬               ‫وعبد الرحمن بن الحارث بن‬                  ‫وها أنا أغوص في دراسة‬
  ‫ىىسركم)‪ ،‬في مصحف الشام‬                   ‫هشام)‪ .‬أو لدرجة الإرهاق‬               ‫لمصاح ِف الخليفة عثمان بن‬
                                                                               ‫عفان رضي الله عنه وأرضاه‬
     ‫ُقرأت (ينشركم) والمصاحف‬         ‫المذكورة صراح ًة في كتب السلف‬         ‫(‪47‬ق‪.‬ه‪35 -‬ه = ‪656 -576‬م)‪،‬‬
 ‫الأخرى قرأت (يسيركم)‪ .‬خمسة‬          ‫إبان هذا المجهود الجبار الذي قد‬         ‫وأنا موقنة أنه در ُب معرف ٍة آخ َر‬
                                                                                ‫موج ٌب لسرعة الردم‪ .‬فكيف‬
     ‫أسنان راء كاف ميم‪ .‬كما أن‬          ‫لا نستوعب عظمته من إنجاز‪،‬‬              ‫ستتم مصالحة ما تعلمت منذ‬
       ‫الرحىم لا تعرف إن كانت‬         ‫لتعودنا المصاحف الورقية سهلة‬            ‫صغري عن رسم القران المُ َن َّزل‬
                                                                           ‫وما أقرأه الآن عن جمع المصحف‬
   ‫الرحيم أو الرجيم الا بالتنقيط‪،‬‬        ‫الحمل‪ ،‬أو النسخ الإلكترونية‬             ‫ونسخه‪ ،‬فكيف لا تكون كل‬
     ‫أو اجتها ًدا من سياق النص‪.‬‬                        ‫سهلة البحث‪.‬‬           ‫نسخة مطابقة للأخرى؟ بل إننا‬
                                                                               ‫نجد في هذه المصاحف الأولى‪،‬‬
  ‫التنقيط –إ ًذا‪ -‬هو ما يجعل هناك‬    ‫أظن أنه مو ِج ٌب هنا أي ًضا التنويه‬   ‫التي كتبت بهدف توحيد المسلمين‬
     ‫اختلاف‪ .‬والتنقيط أحدثه أبو‬         ‫بأن اللغة العربية في هذا العهد‬      ‫على قرآن واحد‪ ،‬اختلافات كثيرة‬
                                           ‫لم تكن لغة مكتوبة‪ ،‬بل لغة‬          ‫تزداد حسب كم من المصاحف‬
  ‫الأسود الدؤلي (م‪٦٨٨ -٦٠٣‬م‬               ‫محكية «لهجة»‪ ،‬وأننا يمكن‬
‫= ‪ ١٦‬ق‪.‬ه‪٦٩ -‬ه) بأمر من الإمام‬             ‫تشبيه كتابتها اليوم بحديث‬                                 ‫كانوا‪.‬‬
‫على بن أبي طالب رضي الله عنه‪،‬‬           ‫عهدنا بالرسائل التلفونية قبل‬              ‫قيل كانوا أربعة مصاحف‪،‬‬
                                        ‫وجود الكيبورد العربي‪ .‬كتبنا‬               ‫خمسة‪ ،‬ستة‪ ،‬سبعة وقيل‬
   ‫والخليل بن أحمد بن عمرو بن‬                                                  ‫ثمانية؛ وأجمع المؤرخون على‬
 ‫تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي‬        ‫الكلام العربي بحروف إنجليزية‬           ‫أربع مصاحف (المدينة‪ ،‬دمشق‪،‬‬
                                     ‫«عربيزي»‪ .‬وهذا ما حصل عندما‬           ‫الكوفة‪ ،‬والبصرة) ومصحف مكة‬
  ‫(‪٧٨٦-٧١٨‬م = ‪١٧٠ -١٠٠‬ه)‪.‬‬                                                     ‫إن قالوا خمسة‪ .‬سألحق لائحة‬
     ‫التنقيط لم يكن موح ًدا أي ًضا‪،‬‬    ‫ُكتب القرآن الكريم‪ ،‬استخدمت‬              ‫للأربعة وأربعين اختلا ًفا في‬
    ‫القاف مث ًل تكتب (ف) والفاء‬        ‫حروف اللغة السريانية النبطية‬          ‫هذه المصاحف‪ .‬يجدر بالذكر أن‬
      ‫تكون النقطة تحتها وليست‬        ‫(الخط المائل) ذات الخمسة عشر‬           ‫المصاحف المنسوخة كلها مكتوبة‬
                                     ‫حر ًفا المستخدمة من عرب البتراء‬          ‫على الورق الكاغد‪ ،‬إلا المصحف‬
  ‫فوقها‪ ،‬وهذا الاختلاف قائم إلى‬        ‫شمال الجزيرة العربية؛ للتعبير‬          ‫الذي خص به عثمان بن عفان‬
 ‫يومنا هذا‪ .‬شيوخ الدين يرجعون‬                                                  ‫نفسه (المصحف الإمام)‪ ،‬فقد‬
‫هذه الاختلافات لكون القرآن أنزل‬           ‫عن ما حفظ في الصدور من‬               ‫قيل‪ :‬إنه كتب على رق الغزال‪.‬‬
‫على سبعة أحرف‪ ،‬ولا يق ُّرون بأن‬       ‫القرآن؛ والغريب أنه لم يستخدم‬              ‫هذه المعلومات مما كتبه َمن‬
‫للعامل البشري في التدوين قصور‬                                                    ‫عاصر هذه المخطوطات من‬
                                          ‫الخط الثمودي ذي الحروف‬             ‫علماء الإسلام المشهود لهم مثل‬
    ‫موجب للتنقيح والتعديل‪ .‬وما‬         ‫المتفرقة المحتوي على ‪ ٢٨‬حر ًفا‪،‬‬       ‫السجستاني‪ ،‬فهذه المصاحف لا‬
  ‫زلنا لا نستقر على عدد القراءات‬      ‫المنتشر آنذاك في وسط الجزيرة‬              ‫وجود لها في عصرنا الحالي‪.‬‬
                                       ‫العربية حيث مكة والمدينة‪ .‬وقد‬       ‫أسباب هذه الاختلافات في الرسم‪،‬‬
     ‫إن كانوا سبعة‪ ،‬عشرة‪ ،‬أربع‬         ‫تعود بعض الاختلافات لبدائية‬             ‫قد تعود لأن الكتبة مختلفون‪:‬‬
  ‫عشرة أو أربعين أو ما لا نهاية‪.‬‬       ‫الكتابة وتشابه بعض الحروف‬               ‫ثلاث قرشيين وزيد بن ثابت‬
 ‫فهناك أربع عشرة قراءة رسمية‬
  ‫معتمدة في يومنا هذا‪ .‬بينما ذكر‬            ‫السريانية في الرسم لغير‬
‫أبو القاسم الهذلي (‪٤٦٥ -٤٠٣‬ه)‬          ‫متقنيها‪ ،‬فمن ال ُكتَّاب الأربعة لم‬
  ‫أنه أخذ من ‪ ١٤٥٩‬طريقة ليحدد‬        ‫يوصف أح ٌد بأنه متقن للسريانية‬
                                       ‫والعبرية بالإضافة للعربية‪ ،‬إلا‬
   ‫خمسين قراءة مختلفة للقرآن‪.‬‬
        ‫أما فيما يخص اختلافات‬                          ‫زيد بن ثابت‪.‬‬
                                         ‫ولا ننسى أن الكتابات الأولى‬
     ‫المصاحف الأولى فهذا جدول‬          ‫لم تكن منقوطة‪ ،‬وهذا يظهر في‬
‫لأربعة وأربعين اختلا ًفا في خمسة‬

     ‫من المصاحف كما سجلها لنا‬
    ‫كتاب المصاحف للسجستاني‪.‬‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114