Page 24 - merit 50
P. 24
ومن يعرف نادي لا يغيب عنه أن ترتيب النصوص
داخل الديوان لا يأتي إلا لقصدية قد صادفت
استجابة من كاتب هذه الأسطر حينما وجد ملامح
غير مألوفة -بالنسبة له على الأقل -تشكل هذا
النص الطائش.
ورغم الموقف الذي يكاد أن يكون إيديولوجيًّا لي
من قصيدة النثر بعامتها ،فإن الموقف لم ين ِف
عندي انتماء هذه النصوص لفن إبداعي را ٍق ،قد
ُيختلف حول تصنيفه ولكن لا خلاف حول أصالته
وجدارته بالمدارسة.
وما تزعمه هذه القراءة من ملامح غير مألوفة
لنص (رسائل طائشة) يتبدى فيما حاول الشاعر
نحته من خلال هذا النص للسرد الشعري .والسرد
الشعري عمو ًما ليس آلي ًة حافظي ًة طريف ًة ،فالملامح
القصصية في الشعر على امتداد تاريخه موجودة
ويسهل الاستدلال عليها من قصص امرئ القيس
وعنترة وربما قبلهما ،ولكن الدرب الذي سلكه
حافظ فيه هو ما يجعل له الأصالة في هذا الجانب،
وهو ما سوف تحاول القراءة تبينه فيما يأتي:
هذا النص الذي يصنف -تب ًعا لما أراد مبدعه وأعلن
عنه -إلى فن (قصيدة) النثر ،ولكن العناصر
البنيوية به تتجه نحو التماهي مع عدد من الفنون
الأخرى منها الرواية أو المتوالية القصصية ،ومنها
كذلك المسرح ومنها الفن التشكيلي .والاستفادة من
الفنون الأخرى كالرواية هو من التكنيكات الفنية
المستخدمة للتعبير عن تعدد الأبعاد في الرؤية
الشعرية الحديثة على ما يرى عشري زايد(.)1
وتبدأ خصوصية القص في هذا النص من وجود
را ٍو علي ٍم يمسك بالنص ،هو الذات الشاعرة على
الأرجح ،هذا الراوي يتوجه بسرده أو ًل في المقطع
الأول إلى مخاطب سردي بضمير المتكلم ،وحينما
يكون المخاطب السردي بضمير المتكلم ،فإن ذلك
يعني أنه شخصية صريحة حاضرة في السرد(.)2
وإذا ما حاولنا البحث عن ماهية هذا المخاطب
السردي ،فإنه يمكن الاطمئنان إلى أنه هو الشاعر
ذاته ،فالمقطع الأول الذي يبدأ به النص يكاد يكون
مونولو ًجا داخليًّا بين الذات الشاعرة وبين نفسها:
()1
عندما تصحو من نو ِم َك
نادي حافظ