Page 40 - merit 50
P. 40

‫العـدد ‪50‬‬   ‫‪38‬‬

                                                        ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬

    ‫مضمرة تتناسب وطبيعة الخطاب السردي‪ ،‬فقد‬                ‫النصوص السردية‪ ،‬بهدف تدشين نظرية شمولية‬
  ‫مكنته الخلفية الفكرية‪ ،‬التي استند إليها في قراءته‪،‬‬    ‫تراهن على هاجس المتعة اليقظة في التعامل مع النص‬
   ‫من وضع تجريد صوري للمفاهيم والأدوات لكن‬
                                                                                         ‫السردي القديم‪.‬‬
    ‫بشكل مضمر‪ ،‬حيث لا يجد القارئ خطاطات أو‬                 ‫‪ -‬تطعيم الدرس النقدي في مجال تحليل الخطاب‬
    ‫ترسيمات تتميز بالتجريج‪ ،‬لكن النفس السردي‬                 ‫السردي القديم بآليات ومفاهيم جديدة تتجاوز‬
   ‫في النقد ‪-‬في الوقت نفسه‪ -‬يحفظ للفاعلية النقدية‬
                                                              ‫النقص الحاد الذي كان يعرفه تحليل الخطاب‬
                         ‫حيويتها وقوتها المعنوية‪.‬‬        ‫السردي‪ ،‬من خلال جعل التشاكل والمتلقي والمؤلف‬
            ‫لقد حاول كليطو أن يوضح لنا الأسس‬              ‫واستعمال النص‪ ،‬والتأويل بالصور‪ ،‬كلها مقومات‬
 ‫الابستمولوجية التي اعتمد عليها في تحليل الخطاب‬         ‫نقدية قابلة للانصهار والتداخل وفق مبدأ الانسجام‬
      ‫السردي‪ ،‬لهذا أراد أن يضبط المفهوم المركزي‬
‫والمشترك بين هذه النظريات‪ ،‬فوجد ما يتعذر تنظيره‬              ‫النقدي والثقافي‪ ،‬وضمن أفق الرؤية الشمولية‪.‬‬
                                                         ‫‪ -‬بهذه الرؤية‪ ،‬تنقل استراتيجية المتعة في السردي‬
                                   ‫ينبغي سرده‪.‬‬           ‫من منظومة فكرية تعبر الكتابة السردية الهامشية‪،‬‬
  ‫‪ -‬إن استحضار سيرورة السرد والكتابة السردية‬
‫القديمة مكن كليطو من إيجاد مسوغ لفرضيته وذلك‬                ‫إلى منظومة قائمة على التداخل المنهجي والمعرفي‪،‬‬
                                                        ‫ملفو ًفا بطابع ممتع‪ ،‬والتي من خلالها يكشف كليطو‬
                   ‫بتتبع سيرورة المتعة في السرد‪.‬‬
     ‫‪ -‬من خلال ما سبق يمكن أن نستنتج أن البناء‬             ‫عن مكونات النص السردي‪ ،‬وبها يصير مقرو ًءا‪،‬‬
                                                                 ‫ويفسر بها باعتبارها استراتيجية محكمة‪.‬‬
       ‫الهيكلي للممارسة النقدية يتجلى في مستويين‬
                           ‫مستويات هي كالآتي‪:‬‬                  ‫‪ -‬لقد لحظنا أن استراتيجية المتعة قائمة على‬
                                                         ‫التعدد في الرؤيا وفي الزاوية‪ ،‬مفتوحة على مجموعة‬
  ‫أو ًل‪ :‬المستوى التحديدي‪ ،‬يطرح فيه كليطو المناهج‬
‫المتعددة‪ ،‬ويبلور بالتدرج وجهة نظر خاصة به ولكن‬              ‫الإمكانات والاحتمالات‪ ،‬ويعني أنها منفتحة على‬
 ‫بشكل مضمر‪ ،‬ليعتمدها منطل ًقا في التحليل التطبيقي‬         ‫النسبي‪ ،‬ولا تسمح بالمطلق وهذا راجع إلى كونها‪:‬‬
                                                            ‫أو ًل‪ :‬استراتيجية سيميائيات المتعة وليدة ظرفية‬
                            ‫للسرد العربي القديم‪.‬‬        ‫تاريخية عرف فيها النقد تنو ًعا على مستوى المرجعية‬
‫ثان ًيا‪ :‬المستوى التحليلي‪ ،‬يعالج فيه قضايا شائكة في‬
                                                             ‫والمفهوم‪ ،‬ومن هنا فهي رؤية خارجية وداخلية‬
   ‫الثقافة العربية‪ ،‬قصد إنتاج معرفة أولية بالخطاب‬        ‫للنص ومتسقة مع نظامها الفكري المتعدد‪ ،‬وكنتيجة‬
  ‫السردي‪ ،‬وبتناولها بتفكيك بنائها المنطقي ودلالتها‬      ‫منطقية لهذا فإنها سوف تكون موضوعية بكيفية أو‬

                                        ‫الثقافية‬                                                ‫بأخرى‪.‬‬
                                                           ‫ثان ًيا‪ :‬تسعى استراتيجية سميائيات المتعة لعكس‬
                              ‫المراجع‪:‬‬
                                                             ‫نفسها في النص السردي‪ ،‬فإنها تقتنع بحضور‬
‫‪ -1‬فولفغانغ إيزر‪ ،‬فعل القراءة‪ -‬نظرية جمالية التجاوب‬        ‫التفاعل والانسجام‪ ،‬إضافة إلى ما تؤديه القصدية‬
    ‫(في الأدب) ترجمة حميد لحميداني والجلالي الكدية‪،‬‬
                                                              ‫من غرض في تحديد طبيعة الخطاب السردي‪.‬‬
  ‫منشورات مكتبة المناهل‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
                              ‫البيضاء‪ ،1987 .‬ص‪.12‬‬       ‫تحليل الخطاب السردي‪ :‬الخلفية‬
                                                              ‫المعرفية والمنهجية‬
    ‫‪ -2‬عبد الفتاح كليطو‪ ،‬الأدب والارتياب‪ ،‬دار توبقال‬
      ‫للنشر‪ ،‬الدار البيضاء المغرب‪ ،‬ط‪ ،2013 ،2‬ص‪.10‬‬        ‫لقد ظل البعد الفكري والثقافي حاض ًرا وبقوة‪ ،‬غير‬
                                                         ‫أن البعد المفاهيمي غائب بشكل واضح‪ ،‬بينما تظل‬
‫‪ -3‬آدم شاف نق ًل عن الجابري‪ ،‬خصوصية العلاقة بين‬
    ‫الفكر واللغة في الثقافة العربية‪ ،‬مجلة دراسات عربية‬      ‫المتعة اليقظة موج ًها كتابيًّا وقرائيًّا في كتاب‪ ،‬في‬
              ‫العدد ‪ ،6‬السنة ‪ ،18‬أبريل ‪ ،1982‬ص‪.21‬‬       ‫الممارسة النقدية عند كليطو‪ ،‬ولعل هذا البعد الفكري‬
      ‫‪ -4‬عبد الفتاح كليطو‪ ،‬لن تتكلم لغتي‪ ،‬دار الطليعة‬   ‫المتعدد هو ما م َّكن كليطو من صياغة ونحت مفاهيم‬
           ‫للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت ط‪ ،2002 ،1‬ص‪.11‬‬
                                          ‫‪ -5‬نفسه‪.‬‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45