Page 39 - merit 50
P. 39

‫‪37‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

 ‫المتعة السردية في النقد العربي والمغربي خصو ًصا‪،‬‬       ‫اليقظة‪ ،‬وقراءة السرد القديم في مرآة الآخر الغربي‬
‫فالناقد لم يتحدث عن المفاهيم والنظريات بل استثمر‬                                  ‫بناء على مبدأ التجاور‪.‬‬

      ‫المفهوم في جوهره‪ ،‬فأوضح أن المتعة كامنة في‬         ‫إذن فالثقافة الغربية حسب كليطو أسست لعلاقات‬
    ‫ثقافة الهامش (السرد القديم) وفي الثقافة العالمة‬     ‫على القراءة غير متكافئة مع الشرق‪ ،‬وهذه العلاقات‬
   ‫(ثقافة النخبة‪ ،‬مما يبين أن الناقد على اطلاع كبير‬
    ‫بالنظريات والمناهج النقدية‪، ‬ويمكن أن نجمل ما‬          ‫قائمة على التفوق ولا تقبل الاختلاف‪ ،‬وقد حاول‬
                                                            ‫الناقد كليطو أن يعيد التوازن إلى هذه العلاقات‬
                      ‫توصلت له في النقاط التالية‪:‬‬
   ‫‪ -‬إعادة الاعتبار للسرد القديم من طرف باعتباره‬         ‫الثقافية عن طريق المجاورة‪ ،‬يقول كليطو‪ :‬إن أنجح‬
  ‫عنص ًرا مه ًّما في فهم الثقافة العربية‪ ،‬وذلك بالجمع‬         ‫وسيلة لتقديم مقامات الهمذاني هي مقارنتها‬
  ‫بين العناصر السيميائية والبنيوية والتفكيكية وفق‬
                                                            ‫بالرواية التشردية (أو التسكعية) التي ازدهرت‬
      ‫استراتيجية تأويلية‪ ،‬إذ ينظر كليطو إلى النص‬          ‫في إسبانيا خلال القرنين السادس عشر والسابع‬
     ‫السردي على أنه بنية ثقافية مكونة من عناصر‬
 ‫متداخلة وثنائيات متضادة‪ ،‬يجب تحليلها وتفكيكها‬                                                ‫عشر(‪.»)5‬‬
    ‫وإعادة ترتيبها وفق التأويل بالصور واستعمال‬           ‫إن الطابع الشفوي للسرد جعل منه لغة محصورة‬
                                                          ‫محليًّا‪ ،‬وقد حاولت الثقافة العالمة دائ ًما الإبقاء على‬
                                         ‫النص‪.‬‬           ‫السرد العربي القديم شفو ًّيا‪ ،‬وهي التي كانت وراء‬
‫‪ -‬تجاوز كليطو الطروحات الغربية وخاصة اللسانية‬
 ‫التي تؤكد على مبدأ الأدبية إلى الانفتاح على التيارات‬      ‫اختيار كتابته بالسجع والجناس كما في مقامات‬
                                                            ‫الهمذاني‪ ،‬كي لا يسهل ترجمته‪ ،‬بل قصد تعقيد‬
  ‫الغربية بأنواعها المتعددة‪ ،‬والتطلع إلى آفاق أرحب‪،‬‬      ‫عملية الترجمة ونهوض السرد العربي القديم كلغة‬
 ‫إذ أصبح معه التناص بمثابة استراتيجية قائمة على‬         ‫تداولية على المستوى العالمي والعربي‪ ،‬كما لا ننسى‬
                                                         ‫أن مبدأ التطور غير المكافئ بين الشرق والغرب قد‬
   ‫التفاعل والتداخل المنهجي‪ .‬إذ يعتبر التناص رؤيا‬      ‫استهدف ابتلاع المثاقفة والأدب العربي بصفة عامة‪،‬‬
         ‫للعالم يعبر بها الشاعر عن أرائه ومواقفه‪.‬‬        ‫فإنه مع عصر التطور الرقمي والحضاري سيكون‬
                                                       ‫السرد العربي القديم عرضة للابتلاع من قبل الثقافة‬
   ‫‪ -‬حققت استراتيجية المتعة في التحليل السيميائي‬
      ‫للناقد كليطو تراك ًما نوعيًّا من حيث الإجراءات‬           ‫الغربية التي تغزو نظرياتها المناهج العربية‪.‬‬
                                                        ‫وخلاصة الأمر أننا نلمس شمولية الممارسة النقدية‬
 ‫النقدية والتشاكلات النصية‪ ،‬فالعلاقة بين الممارسة‬
  ‫النقدية والمرجع هي علاقة موسعة ومتداخلة تقوم‬             ‫عند الناقد عبد الفتاح كليطو؛ الذي لا يكشف عن‬
   ‫على التفاعل‪ ،‬وتعمل على تذويب المسافة بين النقد‬        ‫مفاهيمه أو مرجعيته النقدية في كونه أسس نظرية‬

       ‫كممارسة‬
  ‫واعية من جهة‬
  ‫وبين النظريات‬
‫والمفاهيم النقدية‪.‬‬

     ‫‪ -‬لقد جعل‬
      ‫كليطو كل‬
  ‫عناصر تحليل‬

        ‫الخطاب‬
       ‫السردي‪،‬‬
     ‫أو بالأصح‬
     ‫استراتيجية‬
  ‫التأويل‪ ،‬مها ًدا‬
   ‫لإدراك كليات‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44