Page 104 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 104
العـدد 38 102
فبراير ٢٠٢2
أحمد شرقي
(المغرب)
خبٌر حصري
“ -وهل سنموت هنا؟ أظن أننا سافرنا عبر الزمن.. في تلك النقطة الحدودية ،لم يكن لأملنا في نزول
عدنا إلى الماضي! لا إنتر ِنت في هذا المطار ،ولا شبكة الخبر السار حدود .ولم يكن ب ُو ْسعنا فعل شيء،
سوى تجزئة الوقت؛ عبر الدردشة ،أو البوح أحيا ًنا،
اتصالات! ماذا يجري؟ كنت آ ُمل لو ساف َر ْت بنا حتى يأتي ذلك الخبر ،وننال حريتنا من جديد ،بعد
تلك الطائرة الملعونة إلى المستقبل!» ..قال المخرج
السينمائي بلُغة موليير ،والدموع تنهمر من عينيه فقدانها لخمسة أيام.
-لم أقتنع بأدائه المبا َلغ فيه ،ولم أتأثر بخطابه:- كان عدد المسافرين تسعين تقريبًا ،قادمين من بقاع
مختلفة من العالم ،انقسموا بتلقائية إلى مجموعات،
« -من الأفضل أنك لا تمثل ،واختر َت البقاء وراء
الكاميرا» ..تم َت ْمت. حسب النوع والسن ودوائر الاهتمامات ..لكن
مجموعتنا كانت استثناء؛ إذ ضمت أربعة أشخاص
اختلفت أعمارهم وتوجهاتهم ،لكن حلمهم واحد:
رجل سبعيني مغربي ،قال إنه رئيس تحرير في
جريدة غراء ،وشاب مخرج سينمائي ،يتلعثم في
النطق بالعربية ،صرح لي بأنه فرنسي مغربي،
لكنه لا يزور المغرب إلا ناد ًرا ،وسيدة تبدو في
الأربعينيات من عمرها ،ملام ُحها الأمريكية اللاتينية
تؤلف بين الجمال والصرامة ،لا تتكلم ..تطلق
ابتسامة لطيفة من حين لآخر فقط ،وهي تقرأ كتا ًبا
لماريو بارغاس يوسا ،عنوانه «حرب نهاية العالم».
لم تكن خائفة ،وكأن ما يقع أمر معتاد .كانت تشبه
جينفر لوبيز كثي ًرا .ثم أنا ..طالب أدرس الصيدلة
في أوكرانيا ،وجئت على متن الطائرة القادمة من
كييف عبر إسطنبول .كانت تلك زيارتي الأولى
للمغرب ،بعد غياب دام قرابة عام.
أُغلقت الحدود فجأة .لا نحن داخلون ،ولا نحن
عائدون .أغلقت ونحن في السماء .لم يكن لنا علم
بذلك القرار ،الذي كان بدافع الاحتراز ،واجتناب
دخول متحور ُكو ُروني جديد إلى البلاد -لم أعرف
حينها حتى اسمهَ -وفق كلام شرطي كان هناك..
مسؤو ًل عن التواصل معنا.