Page 292 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 292

‫يقول لك أحدهم ببراءة وثقة‪ :‬طظ‬       ‫في عام ‪ 2020‬أصدر البولاقي كتابه "عذابات‬
                      ‫في كلامك!‬         ‫الأنثى‪ ..‬أسئلة الذات وتناقضات الواقع‪..‬‬

    ‫هذا التغيير مفيد قط ًعا‪ ،‬بل هو‬    ‫قراءات نقدية في إبداع المرأة" وهو كتاب‬
‫رائع أي ًضا‪ ،‬ولا عيب فيه سوى أنه‬        ‫نقدي في إبداع ابتهال الشايب وسعاد‬
 ‫قضى على فكرة التيار الفكري في‬          ‫سليمان وزينب سعيد ورجاء عبد الحكيم‬
‫الثقافة العربية‪ ،‬لدينا أسماء مهمة‪،‬‬      ‫وأمل عبده وهدى سعيد وتقى المرسي‬
 ‫ولكن ينقصنا خلق تيار عام حول‬          ‫وسناء مصطفى‪ ،‬ولسنا في مناسبة عرض‬
 ‫النقد الأدبي والثقافة والسياسية‪..‬‬
                                     ‫لذلك الكتاب لك َّن عذاباتهن التي ظهرت في‬
       ‫تنقصنا القدرة على التأثير‪،‬‬     ‫إبداعه َّن وبعضه َّن من قنا امت َّدت وما تزال‬
‫والتطوير والعمل الممتد الذي ينتقل‬
                                                   ‫تمت ُّد باتساع الإقليم‬
  ‫بالفروض من جيل الأساتذة إلى‬
                   ‫جيل التلاميذ‪.‬‬      ‫ُمستخ ٍف أتبا ٌع وأصحا ُب مصالح‬     ‫لانكسر ُت‪ ،‬لكنني كن ُت أفه ُم تما ًما‬
                                       ‫لا ُيمكنهم بأي حال التعقيب على‬     ‫مقصده وأحسه وأسعى إليه وهو‬
    ‫ك ّل ذلك لا ينفي وجود أساتذة‬        ‫إبداعه أو النظر في مشروعه إلا‬      ‫موقف «سؤال الإبداع» بعي ًدا عن‬
      ‫كبار حقيقيين بقنا في الشعر‬       ‫بالمدح الفائض عن الحاجة‪ .‬و ُهنا‬     ‫سؤال التواجد والمزاحمة‪ .‬لم ي ُعد‬
                                        ‫أستحضر مقولة للدكتور الناقد‬
 ‫والرواية والقصة القصيرة والنقد‬                                               ‫ذلك ممكنًا الآن ولديك شبا ٌب‬
   ‫الأدبي‪ ،‬لكنهم غير مؤثرين لأن‬          ‫محمد عبد الباسط عيد نشرها‬        ‫وكبار وينشرون كتاباتهم في دور‬
                                          ‫عبر صفحته في فيسبوك منذ‬
 ‫تجاربهم لم تنتقل للاحقين بسبب‬        ‫أسابيع‪ ،‬يقول‪ :‬العالم الذي نعيش‬          ‫نشر خاصة بلا معايير وعبر‬
   ‫تقدم العمر ببعضهم والظروف‬           ‫فيه يختلف تما ًما عن العالم الذي‬     ‫صفحات الفيسبوك وفي معرض‬
    ‫الصحية أو بسبب عدم وجود‬              ‫كتبنا فيه أوائل بحوثنا أواخر‬       ‫الكتاب ويجدون من ُيصفق لهم‬
          ‫مساحة حقيقة للتلاقي‪.‬‬         ‫التسعينيات‪ ..‬هذا عالم متعدد‪ ،‬لا‬   ‫ويحتفي بهم في الفضائيات‪ ،‬لم ي ُعد‬
                                     ‫مركزي‪ ،‬فأنت تقدم نفسك بنفسك‪،‬‬        ‫سؤال الإبداع ممكنًا بعد أن صارت‬
‫المقولة الثانية‪ :‬غياب الدور‬               ‫وعملك ‪-‬وحده‪ -‬يحكم لك أو‬
    ‫الثقافي لجامعة جنوب‬                                                       ‫المُزاحمة عقيدة لدى كثير من‬
                  ‫الوادي‪:‬‬                                     ‫عليك!‬      ‫المُبدعين ظنًّا منهم أنها هي التحقق‬
                                      ‫لا يمكنك أن تستخفي وراء درجة‬
  ‫الجامعة ‪-‬كما ُيقال‪ -‬بي ُت خبرة‪،‬‬                                          ‫وهي الإبداع في ذاته‪ ..‬تزاحموا‪..‬‬
   ‫وبالتالي فهي جديرة بأن تكون‬          ‫علمية‪ ،‬أو وراء مؤسسة ما‪ ،‬كل‬                ‫لكن هذا الزحام لا أحد!‬
    ‫منب ًرا أصي ًل للإبداع‪ ،‬لكن ذلك‬       ‫هذا صار من الماضي‪ ،‬فالذين‬
  ‫قليل حد الندرة في جامعة جنوب‬                                                 ‫الثاني‪ :‬إن كثي ًرا من المُبدعين‬
                                       ‫يتابعونك لا يعرفون مؤسستك‪،‬‬         ‫يستخفون وراء مناصب أو مواقع‬
       ‫الوادي بقنا لأسباب ذكرها‬        ‫ولا تعنيهم درجتك العلمية‪ ،‬أنت‬
‫البولاقي في كتابه من بينها القبضة‬    ‫تكتب وهم يتابعون‪ ،‬لحظة بلحظة‪،‬‬         ‫ثقافية أو حتى درجا ٍت علمية في‬
                                       ‫كلمة بكلمة‪ ..‬وهم يقدرون‪ ،‬وقد‬         ‫غيا ِب الناقد الكبير ذي السطوة‬
  ‫الأمنية وغياب الأساتذة المُبدعين‬
 ‫أو النقاد أو حتى المُهتمين بالشأن‬                                            ‫النقدية التي تستطي ُع أن ُتبين‬
  ‫الثقافي بشكل عام‪ .‬ويكفي تأيي ًدا‬                                       ‫الر َّث من الثمين‪ ،‬وبالتالي صار لك‬

   ‫لهذه المقولة أن أذكركم بتجربة‬
     ‫عش ُتها بنفسي وقارنوها بما‬
          ‫يحدث الآن في الجامعة‪:‬‬
     ‫عند عودته من الإمارات‪ ،‬قام‬

  ‫الدكتور محمد أبو الفضل بدران‬
   287   288   289   290   291   292   293   294   295   296   297