Page 131 - merit 38 feb 2022
P. 131

‫‪129‬‬                   ‫تجديد الخطاب‬

‫شاه ولي الله الدهلوي‬  ‫جمال الدين الأفغاني‬  ‫أحمد خان‬                              ‫حركة في الوعي‪ ،‬ولم يحدث في‬
                                                                                    ‫مدارسنا التراثية أو الحديثة‬
   ‫ركز تيار الإصلاح الديني على‬                 ‫الغزو الثقافي لتيارات التفكير‬
       ‫مسائل الفقه في المعاملات‪،‬‬           ‫الغربية‪ ،‬مثل الليبرالية والعلمانية‬  ‫التجاوز المعرفي الذي حدث داخل‬
                                                                                 ‫مدارس الغرب الدينية‪ ،‬ليجعلها‬
     ‫أو بتعبير تراثي قد ركز على‬                   ‫والديمقراطية‪ ،‬والماركسية‬
 ‫«الفروع» وليس «الأصول»‪ .‬هذا‬                    ‫والبنيوية‪ ،‬والوجودية‪...‬إلخ‪،‬‬     ‫جامعات حديثة‪ ،‬عبر «قتل القديم‬
                                                ‫والتي تعاملت معها مدارسنا‬      ‫فه ًما ودر ًسا» لتجاوزه من داخله‬
   ‫الاستحياء الذي وصل إلى حد‬                 ‫الدينية التقليدية على أنها مجرد‬
  ‫التجنب أحيا ًنا في مراجعة ونقد‬             ‫صور أخرى من انحرافات فرق‬                 ‫وتجليه داخل وعينا العام‪.‬‬
 ‫الأصول الفكرية التي تقوم عليها‬             ‫المسلمين التراثية‪ ،‬التي ستتعدى‬           ‫فإذا كانت مدارسنا الدينية‬
 ‫المذهبية ذاتها‪ ،‬والتركيز فقط على‬             ‫السبعين فرقة كلها في النار إلا‬        ‫التقليدية في الزيتونة بتونس‬
  ‫التجديد في الفروع‪ ،‬وفي المسائل‬             ‫فرقة واحدة هي الفرقة الناجية‪.‬‬         ‫أو الأزهر بمصر أو القرويين‬
‫العملية المباشرة وفي أحيان كثيرة‬                 ‫بل بدأت تكون أيديولوجية‬         ‫بالمغرب‪ ،‬أو في النجف بالعراق‪،‬‬
                                                 ‫«إسلامية» في مواجهة هذه‬       ‫أو في قم بإيران وغيرها عبر بلاد‬
     ‫الجزئية‪ ،‬عبر ثنائية «الثابت‬           ‫التيارات الغربية «الغازية»؛ لتكون‬      ‫المسلمين؛ مدارس قامت لنشر‬
   ‫والمتغير» أو «الشريعة والفقه»‬           ‫«الأسلمة» في مواجهة «التغريب»‪.‬‬        ‫مذهب معين في المعتقدات أو في‬
                                           ‫كان لتركيز تيار الإصلاح الديني‬      ‫الفقه والدفاع عنه‪ ،‬على أنه مذهب‬
     ‫أو «الدين والفكر الديني» أو‬               ‫على التوفيق عبر التجاور بين‬     ‫أهل الحق‪ ،‬وأنه الدين الصحيح في‬
   ‫«المنهج والمسائل» أو «الأصالة‬           ‫الحداثة و ُمنتجاتها‪ ،‬وخصو ًصا في‬     ‫المعتقدات‪ ،‬بل وللدفاع عن مذهب‬
 ‫والمعاصرة»‪ ..‬إلخ هذه الثنائيات‪،‬‬           ‫مجال علوم دراسة الكون والحياة‬            ‫فقهي معين كالمالكية في بلاد‬
‫ومحاولة التوفيق بينها عبر مجرد‬                  ‫عليه‪ ،‬وكذلك مع فكرة النظم‬        ‫مغرب العرب‪ ،‬أو كالإسماعيلية‬
    ‫التجاور بين العناصر‪ ،‬أفضى‬                ‫الاجتماعية الحديثة‪ ،‬وخصو ًصا‬        ‫في الأزهر بمصر في نشأته‪ ،‬ثم‬
  ‫مع كل هزيمة أو تراجع يشهده‬                   ‫القانون والنظم السياسية‪ ،‬أن‬       ‫تحويله إلى الأشعرية في العقيدة‬
 ‫الواقع إلى مجرد تلفيق‪ ،‬يستطيع‬                                                  ‫والشافعية والمالكية في الفقه‪ ،‬ثم‬
 ‫تيار السلفية الذي يحسم التلفيق‬                                                 ‫دخل المذهب الحنفي في الفقه مع‬
    ‫بالتقوقع داخل أن الدين ثابت‬                                                  ‫الاحتلال العثماني‪ .‬مثل المذهب‬
                                                                                      ‫الإمامي الجعفري في الفقه‬
                                                                                   ‫والعقيدة في النجف و ُقم‪ .‬فكل‬
                                                                                  ‫مدرسة من هذه المدارس كانت‬
                                                                                 ‫تدافع وتجادل دفا ًعا عن مذهب‬
                                                                                 ‫ضد المذاهب الأخرى‪ .‬ولا زالت‬
                                                                                   ‫مع كل المسوح التي وضعتها‬
                                                                                  ‫لتدريس المذاهب الأخرى‪ ،‬فهي‬
                                                                                  ‫تدرسها لكي تثبت وتجادل أن‬
                                                                                   ‫تعاليمها هي؛ تمثل دين الحق‬
                                                                                     ‫ودين الوسطية‪ ،‬ضد الآراء‬
                                                                                   ‫والأفكار والمعتقدات «الشاذة»‬
                                                                                 ‫أو «المنحرفة» أو «الضالة» التي‬
                                                                                ‫تمثلها المذاهب الأخرى‪ .‬وأضافت‬
                                                                                 ‫هذه المدارس في العصر الحديث‬
                                                                                   ‫الدفاع عن مذاهبها هذه‪ ،‬ضد‬
   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136