Page 165 - merit 38 feb 2022
P. 165
163 الملف الثقـافي
أمثال ابن رشد ،الذين استقر العقل هي تلك المزية التي عدد الفرق التي أنتجها علم
رأيهم بأن العالم قديم ولم ترفع من شأن الإنسان. الكلام للمسلمين ،ولو أن
وقدمت المعتزلة النظر العقلي
يزل موجو ًدا مع الله سبحانه في القضايا ال ِّدينية استنا ًدا نتيجة الكلام وقفت عند هذا
وتعالي معلو ًل له غير متأخر الحد لهان احتمالها ،لكنها
إلى الاستدلال المنطقي، تجاوزته إلى السيطرة على
عنه ،وتقدم الباري كتقدم وليس مجرد الاستناد إلى
العلة على المعلول وهو تقدم الحياة العملية ففعلت بالأمة
بالذات والرتبة لا بالزمان، ال ُّنصوص ،فأجازوا ما الأفاعيل(.)10
وبهذا تعرف أنه يرى قدم يوافق العقل ،ورفضوا ما
خالفه ،وجعلوا العقل أول لكن هل ينتمي أبو العلاء
المادة وخلودها ،ولا يرى الأدلة ال َّشرعية ،واعتمدوا المعري إلى مذهب ما؟ يجيب
رأي المتكلمين من المسلمين في الاستدلال لعقائدهم على
في حدوث الأجسام وتركيبها طه حسين بالنفي ،فلم
من الأجزاء التي لا تتجزأ(.)14 القضايا العقلية(.)12 يتخذ المعري لنظره الفلسفي
يقول أبو العلاء عن المعتزلة:
والفلاسفة يختلفون في مذهبًا محد ًدا ،فلا ينتمي
تعريف الزمان .أما المعري، ومعتزلي لم أوافقه ساعة.. إلى أهل السنة ،ولا مذهب
أقول له في اللفظ :دينك أول السفسطائيين وأهل الشك،
فيعرفه بقوله :إنه كون أريد به من جزلة الظهر لم
يشتمل أقل جزء منه على ولا مذهب المعتزلة ،فهو
أرد.. لا يؤمن إلا بالعقل وحده
عامة الموجودات .بذلك من الجزل في الأقوال تلوي فخالف بهذا أهل السنة،
عرفه في رسالة الغفران وفي لأنهم يقدمون النص على
وتجزل()13 العقل ،وخالف مذهب المعتزلة
اللزوميات فقال: هنا يشدد أبو العلاء على لأنهم على تقديمهم للعقل
ومولد هذي الشمس أعياك يتخذون الشرع لنظرهم
عدم موافقته للمعتزلة، أص ًل ودلي ًل يعتزون به
حده ويتهمهم بأنهم يتعاملون مع ويلجأون إليه( .)11وهذا غريب
وخبر لب أنه متقادم ج ًّدا من المعري –فيما نرى-
وأيسر كون تحت كل عالم النصوص باجتزالها ولوي لأن المعتزلة تمسكوا بالعقل
ولا تدرك الأكوان جرد عنقها. حتى قيل عنهم إنهم بهذا قد
طغوا على النص الديني ،ولم
صلادم الفلسفة الطبيعية عند يعلق طه حسين على نقد أبي
فالزمان بهذا التعريف ليس أبي العلاء
حركة الفلك بل هم أعم منها، العلاء للمعتزلة.
ولما فهم المعري الزمان هذا بحث المعري في اللزوميات برغم أن المعتزلة اعتمدت
الفهم لم يستطع أن يتصور عن المادة والزمان والمكان على العقل في جميع أبحاثها،
وتناهي الإبعاد ،ومن رأيه والأدلة عند المعتزلة ،أولها
الإله في غير زمان. أن الأجسام تتكون من مادة دلالة العقل ،لأنه يميز بين
ويري أبو العلاء قدم الزمان قديمة خالدة وصور تختلف الحسن والقبيح ،والله عندهم
كما يري قدم المادة ،فيقول: َ ْل يخاطب إلا أهل العقل ،أما
عليها ،فقد قال: ال َّشرع فهو المتمم لشريعة
نزول كما زال أباؤنا أليت لا ينفك جسمي في أذي
ويبقي الزمان على ما ترى العقل ،فإذا بدا تناقض
وقد عرف أبو العلاء المكان حتي لا يعود إلى قديم لجأت إلى تأويل الوحي بما
العنصر يوافق حكم العقل ،فشريعة
فقال:
أما المكان فثابت لا ينطوي فالمادة القديمة عند أبي
لكن زمانك ذاهب لا يثبت()15 العلاء على غرار الفلاسفة
ولا يؤمن أبو العلاء بما اتفق