Page 170 - merit 38 feb 2022
P. 170
العـدد 38 168
فبراير ٢٠٢2 طاليس على أن الله فعل
محض ،أي أنه ليس شيئًا
فخرج أبو العلاء من هذه لزم الأول ،فباضطرار :إما كان قوة فصار فع ًل؛ لأن
المعركة إسلامي النزعة في أن يمر ذلك إلى غير نهاية، هذا يقتضي التغير والتغير
الحقيقة وفقه الكلام يونانيها أو ننزل أن هنا متحر ًكا لا عليه محال .فلم يبق بد من
أي ًضا ،فهل شذ أبو العلاء عن يتحرك أص ًل ولا من شأنه القول بأنه فعل محض ،وهو
المسلمين في أمور محددة؟()27 يساوي القول بأنه حركة
ولم يستطع أبو العلاء أن أن يتحرك لا بالذات ولا محضة ،والحركة لا توصف
يتصور وجو ًدا خارج الزمان بالعرض(.)26 بالحركة ،لأن وصف الشيء
والمكان ،فجزم أن الله في بنفسه ضروري العبث ،وإذا
زمان ومكان ،وزعم أن من لا شك في أن الحركة التي كان حركة محضة ،لم يلزم
خالف ذلك ليس له عقل ،وفي نفاها أبو العلاء عن الله إنما أرسطو طاليس أن يكون
ذلك يقول مناظ ًرا المسلمين هي الحركة المادية ،بدليل أنه سكو ًنا ولا ساكنًا ،فلا يلزم
وعامة المتدينين من أتباع قد أثبتها للكواكب ونفاها عن العجز ،ولم يلزمه البحث
عن مصدر ما في العالم من
الرسل: الله فقال: الحركة ،فالله هو مصدرها
قالوا لنا خالق قديم أما تري الشهب انتقلت إذ هو الحركة في نفسها.
قلنا صدقتم كذا نقول بقدرة من مليك غير منتقل ونلاحظ أنه لا يريد بالحركة
زعمتموه بلا زمان والشهب إنما تنتقل من إلا الفعل المحض ،أي التحقق
ولا مكان ألا فقولوا حيز إلى حيز ،وهذا الانتقال الثابت في الخارج ،ومن هنا
محال على الله من غير شك، لا ترد على أرسطو طاليس
هذا كلام له خبئ فلم يبق ريب في أن أبا تلك الاعتراضات السابقة،
معناه ليست لنا عقول()28 العلاء موافق لأرسطو أتم فلنبحث عن بيت أبي العلاء
الموافقة ،فهل هو مع ذلك لنعرف أيدل على أنه فقه
فهذا الكلام يستظرفه موافق للمسلمين؟ لم ينص الحركة كما فقهها أرسطو؟
الأديب والشاعر لرقة لفظه المسلمون على شيء من
ودقة ما فيه من السخرية هذا؛ لأنهم لا يعترفون بهذه ويري ابن رشد أن هذا
–على حد تعبير طه حسين- الحركة التي يراها أرسطو الدليل يقوم على مسلمة وهي
ولا يعرفون إلا الحركة
،لكنه لا يناسب المتكلم المادية ،فإذا التمسنا موافقة أن كل حركة لا بد لها من
ويتعارض مع التنزيه؛ لأنه أبي العلاء للمسلمين في هذا محرك ،وأن المتحركات لا
الأمر فإنما نلتمس موافقة بد أن تنتهي إلى محرك أول
يصف الله في ظاهره بما فقهه الكلامي لما اتفقوا وهو الله ،يري ابن رشد:
لا بلائم فقه الدين وأصول عليه من تنزيه ،وذلك شيء أننا متى أنزلنا هذا المحرك
الكلام .غير أننا لا نستطيع لا شك فيه ،فإن المتكلمين
إن نمر بهذه الأبيات دون أن مهما يكثر بينهم الجدال لا الأقصى للعالم ،يحرك
نفقهها كما فعل الذين كفروا ينكرون أن الله موجود في تارة ولا يحرك أخرى ،لزم
بها أبا العلاء .والحقيقة أن الخارج أي أنه فعل ،وهو ما
يقوله أبو العلاء وأرسطو ضرورة أن يكون هناك
الرجل لم يكن مشب ًها ولا طاليس .والمعتزلة خاصة محرك أقدم منه ،فلا يكون
مجس ًما ،وفي أقواله ما يدل ينفون الصفات ويقولون إن المحرك الأول ،فإن فرضنا
على أنه لا يشك في الله وبأنه الله عين ذاته ،فهو وجود أي ًضا هذا الثاني يحرك تارة
محض ،وذلك عين ما يقوله
حسن الرأي فيه(.)29 أبو العلاء وأرسطو طاليس. ولا يحرك أخرى ،لزم ما
وفي معرض حديثه عن
الزمان رأى أبو العلاء –كما
يؤكد طه حسين -في الزمان
معنى ربما ضاقت اللغة