Page 171 - merit 38 feb 2022
P. 171
شمول القدرة يقتضي ألا يكون في هذا عن التعبير عنه ،فالزمان
العالم شيء إلا إذا تعلقت به قدرة الله، موجود عنده قبل الفلك إن
فإذا فعل الإنسان شيًئا فإما أن يكون صح أن يسبق الفلك بوجود،
مختاًرا فيه أو غير مختار؛ فإن يكن مختاًرا فهو يري قدمه وإنما يريد
فهذا الفعل واجب ،وإن لم تتعلق به بالزمان مجرد الاستمرار
قدرة الله وهو باطل؛ لأنه يهدم أصل ذي الصورة الواحدة الذي
القدرة ،وإن يكن غير مختار فهو الجبر لا ينقسم إلى ليل ولا نهار
الذي لا شك فيه .إذن الدين والفلسفة ولا يقاس بشهر ولا عام،
يتظاهران إثبات الجبر وإقامة الأدلة عليه يريد استمرا ًرا لا نستطيع
أن نفسره إلا بأنه ظروف
الله خارج العالم ،إذ ليس فانظر إليه كيف لم يقس
للعالم عنده خارج ،فالله وجود الله بمضي أو يحتوي على كل موجود
موجود في العالم ،والعالم استقبال()30 حتى الليل والنهار اللذين
مكانه ،لكن هذا لا يجعل نسميهما نحن زما ًنا ،وهذا
وفي سياق متصل بفكرة الزمان الذي ذهب إليه أبو
المعري مشب ًها؛ لأنه لم الزمان رأي طه حسين :أن العلاء لا يستطيع أن يشك
يفسر المكان بالحيز فيلزمه فيه إنسان ،بل إن اعتقاده
أبا العلاء لا يريد بالمكان
أن الله جسم ،ولم يقل معنى من المعاني الضيقة جزء من مكونات العقل
بانحصار العالم فيلزم أن الله الإنساني ،فإنك لا تستطيع
التي ذكرها المتكلمون أن تتصور وجو ًدا أو ثبو ًتا
محصور ،إنما قال بعالم لا والفلاسفة ،فالمكان عند
يتناهى ،وبمكان لا يتناهى. هؤلاء لا يمكن أن يتجاوز إلا إذا تصورت فيه البقاء
ولا يجد طه حسين مبررات العالم ،ومن ثم اختلفوا في والاستمرار بالوقت ،وهذا
إمكان الخلاء في هذا العالم
لانتقاد المعري في هذه واستحالته ،واتفقوا على الرأي في الزمان هو ما
المسألة ،فإذا فهمنا المكان إمكانه خارجه ،وقد عرف رآه جون استيوارت مل
والزمان كما فهمهما أبو طه حسين أن أبا العلاء الفيلسوف الإنجليزي وأثبت
العلاء لم نر عليه بأ ًسا من يرى عدم تناهي الأبعاد، قدمه وأنه لا أول له .فإذا
أن يعتقد أن الله مقار ًنا لهما، فهو لا يري للعالم داخ ًل فهمنا الزمان بهذا المعنى لم
ولا يجب أن يتهم رجل قال وخار ًجا كما زعم المتكلمون نستطع نفي مقارنته لوجود
ذلك بالكفر ،فإنه لم يقصر والفلاسفة ،وإذا لم يكن الله ،فنفي هذه المقارنة نفي
في تنزيه الله ،وإنما يجب للعالم عند أبي العلاء حد للوجود نفسه ،إذ الوجود
أن يناقش فيما ذهب إليه ولا نهاية فلا شك في أنه لا في نفسه استمرار وهذا
من رأيه الخاص في الزمان يستطيع ان يتصور وجود الاستمرار هو الذي يسميه
والمكان ،فإن صح له الرأي أبو العلاء زما ًنا .ويدلك
على أن الزمان الذي ذكره
أبو العلاء في هذه الأبيات
ليس هو الزمان الذي يفهمه
المتكلمون من قول أبي العلاء
في قصيدة أخرى:
والله أكبر لا يدنو القياس له
ولا يجوز عليه كان أو صارا