Page 168 - merit 38 feb 2022
P. 168
العـدد 38 166
فبراير ٢٠٢2 ولا يثبته ،وأنه إن اعترف
به في كتبه فإنما يفعل ذلك
عن أن يوصف بالسكون فالهلال المنيف والبدر الفرقد ابتغاء مرضاة الناس واتقاء
أو بالحركة ،فالسكون عجز والصبح والثري والماء
سخطهم ،على قاعدته من
والحركة عرض وكلاهما فانظر كيف بسط القدرة اصطناع التقية والحرص على
محال ،وقد نص أبو الإلهية
العلاءعلى ذلك فقال: الاحتياط ،ذلك شيء يمكن
على العالم ولم يستثن شيئًا أن يدل البيت عليه ،لكن روح
أما تري الشهب في أفلاكها ويقول أي ًضا في القدرة
انتقلت الإلهية: أبي العلاء في حياته المادية
وفيما كتب ينفيه ،فلا يجب
بقدرة من مليك غير منتقل انفرد الله بسلطانه فما له
ويري طه حسين أنه من في كل حال كفاء أن يفهم من هذا البيت إلا
أن الرجل يجهل كنه الإله
العسير أن نثبت موافقة هذا فما خفي قدرته عنكم وحقيقته ،ولا يستطيع أن
الرأي أو مخالفته للمتكلمين، وهل لها عن ذي رشاد يحدده تحدي ًدا منطقيًّا ،وأنه
لأنه غامض غمو ًضا شدي ًدا يخشى أن يقول ذلك لأن
فهم لا يستطيعون أن يقولوا خفاء؟()21 عامة الناس لا يستطيعون أن
ولأبي العلاء بيت في يفقهوا معزى هذا القول ،ولا
إن الله منتقل ،إذ الانتقال الوحدانية يعرضه طه حسين أن يفرقوا بين من لا يعرف
يحتاج إلى حيز ،والحيز على لا يحتمل الشك ولا التأويل، الله ،ومن لا يعرف حقيقته،
الله محال ،والانتقال حركة، فما يدرك هو أثار تشير إلى
والحركة عرض ،والأعراض وهو قوله: وجوده وتدل على ثبوته،
بوحدانية العلام دنا فأما حقيقته فقد انقطعت
لا تقوم بذات الله ،وليس فذرني أقطع الأيام وحدي بيننا وبينها الأسباب(.)20
يصح أن يقال إن الله ساكن، ويقول حين يعرض للأمر وعلى ذلك لا بأس على أبي
فالسكون عجز ،والعجز عليه العلاء -من وجهة نظر طه
بالعزلة:
محال ،ولأن هذا الخالق في توحد فإن الله ربك واحد حسين -أن يعلن جهله
نفسه لا يمكن أن يصدر عن حقيقة الله ما دام أعلن علمه
سكون مطلق ،وكأن الحرص ولا ترغبن في عشرة
الرؤساء بوجوده ،غير أن من الحق
عن تنزيه الله عز وجل علينا البحث في الأوصاف
عن هذه الأوصاف اللغوية فأنت تري أن أبا العلاء التي أسندها أبو العلاء إلى
إسلامي النزعة ،يوناني فيما الله بعد أن أثبت وجوده،
القاصرة هو الذي جعل أثبت لله من القدرة الشاملة لنعرف نزعته الفلسفية؟
مذهب المتكلمين قاص ًرا. والوحدة المطلقة ،وهو كذلك فأول ما يلقانا به أبو العلاء
فيما أثبت له من الحكمة في من ذلك إثباته القدرة العامة
فقد تضاربت الفرق الشاملة لله ،وهو مقدار يتفق
الإسلامية بين رفض البيت الذي يقول فيه: عليه المسلمون والفلاسفة،
الص َفات الحسية وبالتالي أثبت لي خال ًقا حكي ًما
تأويلها ،وبين قبول هذه ولست من معشر نفاه()22 بل وعامة أهل الديانات،
الصفات ورفض تأويلها، ويقول في ذلك:
وقد خرجت بعض الفرق ويقول أي ًضا:
كالمعتزلة بهذه الصفات عن إذا قوم لم يعبدوا الله وحده للمليك المذكرات عبيد
مدلولها الحسي؛ لأن هذه وكذلك المؤنثات إماء
الفرقة أخضعت النص للعقل، بنصح فإنا منهم برءاء
وإن تعارضا فالأولوية ويفارق أبو العلاء المسلمين
لديهم للعقل( ،)23وأهم من
يمثل رفض تلك ال ِّص َفات ويوافق اليونانيين في
إثبات أن الله ساكن غير
متحرك ولا منتقل ،فأما
المسلمون فينزهون الإله