Page 28 - merit 38 feb 2022
P. 28
العـدد 38 26
فبراير ٢٠٢2
إن الرمز هنا يحتمل أكثر من تأويل ،فقد يرمز إلى ولفهم البعد الرمزي لهذه الشخصية ،نتوقف هنيهة
تنظيم داعش ،وبالمقابل يرمز الأب هنا إلى النظام عند قصيصة بعنوان «استقالة» ،هي عبارة عن
السوري الجائر الذي يجد نفسه في مواجهة ذئب رسالة تبرئة للذمة يعلن فيها إبليس تنصله من
مفترس آخر يضاهيه وحشية وشراسة وجبرو ًتا، مسئولياته عما يحدث في البلاد العربية من قتل
ومن ثم يصبح هذا الكائن الجديد ملا َذ ليلى ونهب وإحراق وسلب للممتلكات وتجويع وإبادة،
وملجأها المحتمل ،فهو يحتضنها ويعبئها ويجندها وإبليس هنا رمز للشر القابع في النفس البشرية،
لتصبح قنبلة موقوتة وحزا ًما ناس ًفا في عملية وقد يرمز إلى دولة بعينها مشهود لها بتسليح
انتحارية هو من يضع آخر لمساتها. الحراك الشعبي ومد الثوار بالعتاد الحربي ،وهي
وقد يتوسل السارد بالطيور ليشكل من خلالها نفسها التي تستنكر العنف الدموي وتدينه في
رؤيته السردية ويؤصل لموقفه الوجودي المحافل الدولية ،لذلك فإن استدعاء حكاية إبليس
والإنساني من الحياة والموت والفناء والخلود، له شحنة رمزية قوية ومؤثرة تزيد من تعميق
فطيور الجنة رمز لأطفال سوريا الذين يصعدون إحساس السارد والمتلقي بازدواجية المواقف
إلى السماء بصحبة أبطال قصصهم ،ولعل السارد وفداحة الفعل المضاد ،موظ ًفا التراث الديني
قد استوحاها من المشهد الإعلامي وبالتحديد من
التسمية الخاصة بإحدى قنوات الأطفال الفضائية، مستله ًما قصة إبليس الواردة في القرآن الكريم لما
غوى أهل الشرك ،وزين لهم الكفر والعصيان ،فلما
والغاية من هذا التوظيف الرمزي إعادة إنتاج
التسمية «طيور الجنة» ومنحها بع ًدا أسطور ًّيا يمزج كفروا قال الله تعالى على لسانه« :إِ ِّني َب ِر ٌئ ِم َّما
بين ما هو واقعي (ارتدى الأطفال أجمل ملابسهم.. ُت ْش ِر ُكو َن».
واستمعوا لحكايات الجدة ..في الصباح ،كانت ورموز مرتبطة بالحيوان ،حيث استدعى لفظة
الطائرات تسقط براميل الظلام على منازلهم )..وما «الذئب» لتعميق الإحساس بالاستهتار والعبثية
والدونية وسط عالم فوضوي فقد معنى الحياة،
هو عجائبي (بينما الأطفال يصعدون إلى السماء وانهارت بداخله القيم المثالية العليا ،لتحل قيم
صحبة أبطال قصصهم)(.)10 وحشية متصلبة يجسدها استدعاء هذا الرمز في
قصيصة «ليلى والذئب» ،حيث تبدو المفارقة عجيبة
ومحاولة منه لتكييف حراك الثورة مع أجواء انطلا ًقا من العنوان الذي يجمع بين مكونين غير
الأضمومة ،بادر السارد إلى استدعاء أسطورة متجانسين نحو ًّيا وصرفيًّا ودلاليًّا ،فليلى اسم علم
شهريار في قصيصة «ورطة» بعد أن علق بذهنه مؤنث ينتمي إلى النوع البشري ،بخلاف مكون
منظر المدن الحالمة وهي تتحدث لغة الصمت، «الذئب» الذي ينتمي إلى النوع الحيواني ،لكن
وتصارع الموت كل دقيقة وكل ثانية ،يقول السارد: المتأمل لأحداث القصيصة سوف يلاحظ أن ثمة ألفة
«في مدينة الأحلام لم يجد شهريار من يجلس معه.. تولدت بين ليلى ،الفتاة رمز اللطف والوداعة ،وبين
الذئب رمز الوحشية والافتراس (قررت أن تقضي
لم يجد أح ًدا سوى سيفه الأسود»(.)11
ينتصب الموت في ُح َميَّا الصمت ليجثو بكل ثقله على عمرها مع صديقها الجديد «الذئب») ،وهذا يشكل
قمة المفارقة التي تعد من خاصيات القصة القصيرة
المدينة الحالمة قبل اندلاع شرارة الثورة ،بيد أن
استدعاء أسطورة شهريار وهو يشير في حكايات ج ًّدا.
ألف ليلة وليلة إلى الملك الجبار الذي بطش بضحاياه يفتح استدعاء مفردة «الذئب» المجال أمام المتلقي
من النساء ،وغياب شهرزاد في القصيصة له بعد للتأويل ،في ضوء تجربته الحياتية وما يراكمه من
رمزي قوي ،إذ هي المعادل الرمزي للشعب الذي أخبار الواقع وتفاصيل الحرب والإرهاب في العالمين
تح َّول إلى كائن أخرس بفعل إقبار صوته الثوري العربي والغربي ،فالسارد يحكي أن «ليلى قررت
أن تقضي عمرها مع صديقها الجديد (الذئب)»(!)9
الصداح ،فتحول إلى آلة قمعية صرفة.
وفي أرموزة «مونديال عالمي» التي تحتوي على كم عسى أن ينقذها من أبيها .ح
هائل من الرموز والإشارات الدالة ،يتحول المونديال