Page 98 - merit 38 feb 2022
P. 98
العـدد 38 96
فبراير ٢٠٢2
مي ع َّطاف
(سورية)
الهاربة
كان والدي يراقبني وأخي بيده هاتفه الخلوي ما الذي أتى بي إلى هنا أي ًضا؟
ويتحدث مع أبناء خالتي الأخرى ،وأمي في حضرة هل بإمكاني احتمال الساعات القادمات في هذا
الهرج من الثرثرة والضحك الصاخب لأجل كلمة
نساء العائلة بد ًءا من جدتي إلى صاحبة الفك تافهة ُتقال ،ألأن الحدث رأس السنة وعالميًّا ُفرض
التمساحي وأولادهم. كيوم للفرح وعلى الناس أن تكون سعيدة لذا وجب
نهضت ..ساد الصمت ،لم تقل أمي كلمة بانتظار عليهم لأقل حركة أن يضحكوا.
أن يسألني أبي ،لكنه لن يفعلها ،وربما عرف أني كان صوت ابنة خالتي أكثر ما أثار توتري ،فبحركة
تجاوزت حالة الاحترام وأني سأخيب طلبه فقال:
آلية تفتح فمها الكبير لدرجة أشعر أنها سليلة
معليش خليها تروح. التماسيح ،إذ كانت تقلب رأسها كام ًل للوراء
لكن خالي تدخل كعادته السمجة وحضوره الثقيل ويبقى ف ُّكها السفلي ثابتًا ..أو كأنها دمية مهيأة لهذا
فقال :خالي وين بدك تروحي لحالك وبراس السنة، العرض المضحك مع صوت الضحك الذي يخرج من
فيه السكرانين والرصاص. حدود الحنجرة فقط.
اكتفيت بجملة واحدة أعنيها تما ًما :أريد البيت. لم تكن وحدها في الضحك والهرج لكنها كانت
لم يكن بيت خالتي بعي ًدا عن بيتنا ،سمعت همسات الأكثر صخبًا بينهم ،ذاك الصخب الذي أشعر بأني
وهسهسات ،ففي حالتي هذه أصبح قادرة على داخل إعصار ما زال يقتلع كل ما بطريقه ،وفي كل
سماع دبيب النمل. لحظة أرتطم بشيء جديد ينتزعه.
وصل لأذني كلمة وقحة ..من مكان وقوفي للباب نال مني التعب وفكرت بالذهاب لأحد قريب،
فحضرت صورة عادل كزوبعة أخرى شعرت أني
ثلاثة أمتار ،فقط أردت تجاوزها بأقل الخسائر
وأنا أدرك تما ًما ما سيقولونه عني وربما هم على سأنهارُ ..وجب عليَّ الخروج حا ًل.
صواب« ..المجنونة ،لماذا أتت إذا بدها تروح من أول ل َم أتيت إلى هنا؟
السهرة». دون ان أقول كلمة ..نهضت بصعوبة وسرت
«ما فيها إلا ما تنكد علينا». في الكوريدور وما زالت ضحكاتهم والضوضاء
هم يعتبرون أنني أخرج من باب النكد عليهم ،لكنهم تلاحقني كدودة علق تمتص مني الطاقة ،دخلت
لا يعلمون حجم النكد والتنكيل الذي يمارسونه عليَّ غرفة ابنة خالتي حملت الجاكيت ،ارتديته ببطء،
عدت للصالون ،انتبهت لي خالتي صاحبة الدعوة
بضجيجهم هذا.
كان بإمكاني قول كذبة ما ،لكن الكذب يحتاج كي نسهر رأس السنة عندها ،فقالت :بردانة
حبيبتي؟
مقدرة افتقدها.
قالت أمي :ماما حاكينا بس وصلتي عالبيت. لم أنتظر منها اقترا ًحا بأن ترفع حرارة المدفأة
لم أجب .كنت مشغولة بحجم شد العضلات التي فقلت :خالتي أنا طالعة.
تبدو في ابتسامة ابن خالي ..عضلات مشدودة