Page 40 - مجلة ثقافة قانونية - العدد الثالث
P. 40
المشقباالب
إلى آخر الأنشودة التى تؤكد على أن مصر منذ مصر والدين «مصر قبل الأديان» وسبقت حين جعلتها نقيبة الأطباء فى معبد سيتى
القدم كانت أمـة وسطاً تعتنق الوحدانية وتؤمن لا مراء من سبق مصر القديمة فى شتى المجالات وهو ما يظهر على رسومات المعابد والأديرة فى مصر
بالحساب فى الآخـرة ،ويتخلل هذه الفترة عصور ولعل العجب العجاب سبقها فى الدين أيضا وتطلعها فقد لاقت المرأة فى مصر تكريما لم تشهده جميع
عبد فيها المصريون التماثيلا ايما ًء لفكرة الاستئناس إلى العبادات والشعائر الدينية التى تحولت بعد ذلك الحضارات الاخرى حيث اعتبرت سندا للأسرة وربة
بها ومساعدتهم على التركيز كما عبدوا الزهرة بالفعل إلى طقوس شرعت الكثير منها فيما بعد فى
المسيحية ومنها إلى الإسلام والذى سهل اعتناق للمنزل لا يستقيم دونها.
والحيوانات . العمل:
مصر فى المسيحية : المصريين للمسيحية ومنها للإسلام يمتاز أسلوب الشرق بالتأمل وأسلوب الغرب بالعمل
عندما جاءت المسيحية إلى مصر كان فيها الرومان إن تفكير إخناتون هو الذى مهد الطريق لكثير بينما تجمع مصر بين التأمل والعمل فتجد ما يدل
عام 61ميلاديا وقد عادى الرومان المسيحية وعذبوا من التطور الـذى ظهر فى الديانة فيما بعد إلى على الأسلوبين على جدران المعابد المصرية فهناك من
معتنقيها مما ادى إلى اتساع الهوة بين الرومان عصرنا الحالى ونستدل على ذلك بمجيء المسيح إلى يعمل فى جد ويتأمل فى سكينة ولا تجد من يتباطأ
والمصريين وأصبحت هناك مقاومة روحية ودينية أرض مصر ليجد فيها مأوى يقيه غدر هيرودوس أو يتكاسل ومن أقوالهم المأثورة لا تضع وقتا لا تعمل
فهناك من الأفكار التى نادت بها المسيحية عرفها فيه فإنه ممقوت ذلك الذى يسيء استخدام وقته
فضلا عن المقاومة السياسية . المصريون القدماء كفكرة الاعتراف بالخطيئة والتبتل ويعد العمل عند المصريين ترجمة للمحبة فلقد
وكعادة مصر احتضنت المسيحية بل وقامت بنشرها والزهدواتخذت المسيحية علامة الصليب من علامة ترجموا حبهم لمصر إلى عمل فالمحبة كما يقول
فى الجزر البريطانية وفرنسا وإفريقيا وغيرها وكانت الحياة عند قدماء المصريين حتى البخور أخذت فكرته المتصوفة بذل المجهود ،ولا تمتلك مصر فلسفة مكتوبة
اللغة القبطية هى لغة الأدب المصرى آنـذاك بعد فقط بل محققة ومعاشة فالفلسفة فيها طريقة حياة
أن تخلصوا من الألفاظ اليونانية وينسب إلى مصر الكنائس المسيحية عن مصر القديمة قد يكتب شيء ويعاش شيء آخر ولكن مصر عاشت
نظام الحياة الديرية فى الرهبنة المسيحية بل بلغ كما يجد تجـاوب مصر مع الإسـام حجته فى
النفوذ الروحى لمصر المسيحية أنها كانت ترسل ما اعتنقته مصر القديمة من قبل بفكرة الحساب فلسفتها حقا .
ألاساقفة إلى ما حولها من البلاد لتعلمهم المسيحية والثواب والعقاب حيث أن ظهور فكرة الحساب فى واشتهرت مصر بالعديد من الأعمال كالزراعة
فمصر كانت مصدر التشريع الكنسى فى العالم الآخـرة كانت فى مصر القديمة كما كانوا يزنون والتعدين والصناعة والهندسة العملية والزجاج ونسيج
المسيحى لا هى روما ولا أثينا كما سيطرت مدرسة الأفعال بالقلب ويعتبروها الأصل فى الأعمال وهو الكتان وصناعة الملابس والحلى والأساس والمساكن
الإسكندرية التى صارت العاصمة الثقافية للعالم ما يذكرنا بقول المولى فى القرآن الكريم (إن الله لا وغيرها ،كما إرتقى المصريين بالأدب والعلوم والطب
المسيحى وكان بطريرك الإسكندرية يلقب بقاضى ينظر إلى صوركم ولكن إلى القلوب التى فى الصدور) ومن معجزات الحضارة المصرية أنها حققت هذا كله
المسيحية فى العالم كما تخرج على يديهم أساقفة وكانت أنشودة اخناتون دليل على اعتراف المصرى
وبطاركة وقادة الشعوب بل كعادتها مصرفعلت أدهى القديم لوحد انية الله تعالى حيث قال أنت الذى بأبسط الوسائل.
من ذلك وأمرحيث حددت الأعياد وأوقات الصيام يذرأ من البذرة اناساً وجاعل الولد يعيش فى بطن وكان دور مصر كعادتها رائدة دائما حيث أنشأت
للعالم المسيحى كله ووضعت النظام الرعوى الذى يبدأ أمه وأنت معطى النفس حتى تحفظ الحياة على كل القناطر والأسواق والقلاع والمنارات وغيرها وكانت
من الأسقف وينتهى إلى الشماس،وامتلأت المتاحف إنسان أيها الموجد الذى لا موجد له أيها الواحد مصر أول من أقامت حكومة منظمة وأول من أنشأت
والمكتبات العامة فى أوروبا وأمريكا بكتابات مصر نظام البريد والتعديد والتعليم الابتدائى والثانوى
الأحد الذى يطوى الأبد وأول من أوجدوا نظام التعليم الفنى لإعداد الموظفين
المسيحية التى قامت بتدريسها فى الجامعات ورجال الإدارة كما سبقت فى العلوم القتالية فحاربت
التتار دفاعا عن المنطقة كلها وأوقفت زحفهم بل
إستولت على ذخائرهم وسحقتهم فحفظت بهذا 40
الحضارة الإسلامية كما انقذت حضاراتها بعد هذا
فى حطين كعادة مصر دائما تواجه الهدم والتخريب
بأسلوبها الحضاري.
أحبت مصر الحياة:
آمنت مصر بالحياة فلم يقف المصريون عند فكرة
الموت بل آمنوا بخلود الروح قبل أن تأتى الأديان فلم
يعتبر الموت عندهم نهاية بل اعتبروه نقطة التمام
فهو انتقال من الأرض إلى السماء لذا زودوا الميت
بأسبأب المعيشة للأكل والشرب فى قبره وفصلوا
عنه الأحشاء القابلة للتحلل وهو ما قادهم إلى فكرة
تحنيط الأجساد،وكعادتها تمتاز مصر عن غيرها
ففى الفكر الأوروبـى يقولون ان الأفضل ألا تكون
هناك حياة بينما يقول المصريون الحياة سرمد ولا
موت وهو ما جعلهم يبدعون فى فنونهم وتصويرهم
للأشياء كما هو ب ّي على جدران المعابد والأهرامات.
احساس مصر بالكون شامل:
تصالحت مصر مع الكون واتحدت مع كل الأشياء
حولها فى رقة وحنان حتى تعاطف المصريون مع
الحيوان فاحبوه وملأوا بصوره لوحاتهم وهذا دليل
على وعى المصريين وتعاطفهم مع الحيوان وإيمانهم
بحقه فى الحياة .
وكما احبت مصر الحيوان أحبت الطيور ورمزت
لها ودللت عليها فحورس صقر وعرش مصر يحوطه
نسر وحية و قرص شمس.
يوليو 2024