Page 6 - merit 53

‫العـدد ‪53‬‬ ‫‪4‬‬

‫ثمة عمومي ٌة‪ ،‬وتبسي ٌط مخ ٌّل؛‬ ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬
‫في القول إن "عرشه كان على‬
‫الماء"‪ ،‬حيث لم يقل أي ماء (وإن‬ ‫افتتاحية‬
‫كان العهد القديم قال في سفر‬
‫الخروج إن الماء تحت الأرض!)‪،‬‬ ‫سمير درويش‬
‫ولا ماذا كان يصنع عليه‪ ،‬أو كيف‬
‫كان في عماء؟ أي في سحابة!‬ ‫رئيس التحرير‬

‫ما حجم هذه السحابة وأين‬ ‫قصة خلق‬
‫توجد‪ ..‬إلخ الأسئلة المنطقية التي‬ ‫الكون‪..‬‬

‫يبدو أنها كانت مطروحة في‬ ‫أين كان الله وماذا كان يفعل‬
‫زمن النبي وليس في زمننا هذا‬ ‫قبل خلق الأرض والسماء والبشر؟‬
‫فقط كما ورد في الأحاديث التي‬
‫نقلُتها عن أمهات الكتب‪ ،‬والتي‬
‫يقدسها المسلمون ويعتقدون‬

‫في صحتها المطلقة!‬

‫خصومات قديمة بينهم وبينه أثناء دراسته‬ ‫تحديده لمنهج البحث لكتابه «في‬ ‫في‬
‫في الأزهر‪ ،‬دفعتهم إلى تقديم مذكرة للنائب‬ ‫الشعر الجاهلي»‪ ،‬الذي صدر‬

‫العام ضده‪ ،‬فتحول للتحقيق أمام الوكيل‬ ‫عام ‪ ،1926‬يقول د‪.‬طه حسين‪:‬‬
‫محمد نور الذي حفظ التحقيق بعد أن تراجع‬ ‫“الناس جمي ًعا يعلمون أن القاعدة‬

‫طه حسين مؤث ًرا السلامة‪ ..‬مما نعرف من‬ ‫الأساسية لهذا المنهج –يقصد منهج الشك‬
‫وقائع‪.‬‬ ‫الديكارتي‪ -‬هي أن يتجرد الباحث من كل‬

‫معارضو طه حسين حفظوا ما انتقل إليهم‬ ‫شيء كان يعلمه من قبل‪ ،‬وأن يستقبل‬
‫من خطابات دينية‪ ،‬وأخذوا على عاتقهم نقله‬ ‫موضوع بحثه خالي الذهن مما قيل فيه‬
‫للأجيال التالية‪ ،‬كانوا –ولا يزالون‪ -‬مجرد‬ ‫ُخلُ ًّوا تا ًّما»‪ ،‬وأكمل‪« :‬يجب حين نستقبل‬
‫وسطاء تمر الخطابات عبر ألسنتهم دون أن‬
‫يعرضوها على عقولهم‪ ،‬لكنه أراد أن يتجرد‬ ‫البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن‬
‫مما يعرف و ُيعمل العقل ويختبر هذه الأخبار‬ ‫ننسى قوميتنا وكل مشخصاتها‪ ،‬وأن‬

‫والوقائع‪ ،‬وتوصل –مبدئيًّا‪ -‬إلى أن الشعر‬ ‫ننسى ديننا وكل ما يتصل به‪ ،‬وأن‬
‫العربي المنسوب لشعراء جاهليين‪ ،‬قبل‬ ‫ننسى ما يضاد هذه القومية وما يضاد‬

‫نزول رسالة الإسلام‪ ،‬ليس لهم‪ ،‬ودليله أن‬ ‫هذا الدين‪ ،‬يجب ألا نتقيد بشيء ولا‬
‫هذا الشعر يصور حياة المسلمين أنفسهم‪،‬‬ ‫نذعن لشيء إلا منهج البحث العلمي‬
‫وخلُص إلى أن نسبة هذا الشعر للجاهليين‬ ‫الصحيح»(‪ .)1‬هذه القاعدة التي انطلق منها‬
‫هي التي أشعلت نار معارضيه‪ ،‬فض ًل عن‬