Page 7 - merit 53
P. 7

‫افتتاحية ‪5‬‬

                    ‫أحمد سالم‪ ،‬يناقش فيه‬            ‫كان مقصو ًدا به تفسير القرآن بحسب‬
                  ‫اختلاف الفرق الإسلامية‬         ‫معاني الكلمات الواردة في الشعر‪ ،‬وبالتالي‬
                                                 ‫إذا كان الشعر ُمن َت َح ًل‪ ،‬فإن التفاسير التي‬
                    ‫حول (صورة) الله كما‬           ‫استندت إليه ليست دقيقة‪ ،‬وأن أصحابها‬
                    ‫يتصورونها‪ ،‬أو حسب‬            ‫أرادوا إثبات شيء غير الحقيقة‪ .‬وعلينا أن‬
               ‫قراءاتهم للنصوص المقدسة‬           ‫نتصور المدى الذي كان سيصل إليه لو أن‬
                ‫من القرآن والسنة النبوية‪،‬‬
                  ‫سواء التفسير الحرفي أو‬                             ‫ثمة حرية في البحث‪.‬‬
                  ‫المجازي لهذه النصوص‪،‬‬           ‫عا َّم ُة العرب يقولون «ربنا عرفوه بالعقل»‪،‬‬
                  ‫فهل لله (يد) كما في قوله‬       ‫للإشارة إلى أن أح ًدا لم ي َر الله‪ ،‬ولم يسمع‬
              ‫«يد الله فوق أيديهم» (الفتح‪:‬‬
                ‫‪)10‬؟ وهل له (أعين) جمع‬                 ‫منه‪ ،‬وإنما توصل الناس إلى وجوده‬
                    ‫عين مثل قوله «واصبر‬             ‫بعقولهم‪ ،‬على قاعدة أن وراء كل صنعة‬
                  ‫لحكم ربك فإنك بأعيننا»‬       ‫صان ًعا‪ ،‬فإن رأيت السيارة تدرك أن شخ ًصا‬
                  ‫(الطور‪)48 :‬؟ إلخ‪ ،‬أم أن‬      ‫ما صنعها‪ ،‬وكذلك الكرسي والكمبيوتر ولمبة‬
    ‫ذكر الأعضاء التي تشبه أعضاء الإنسان‬        ‫الكهرباء‪ ..‬فإن رأيت الكون تدرك –بالقياس‪-‬‬
    ‫مقصود بها تقريب المعنى لعقل الإنسان‬         ‫أن وراءه صان ًعا هو الله كلي القدرة‪ .‬وتل ِّق ُن َنا‬
     ‫حسب مدركاته؟ وإذا كان الأمر مجاز ًّيا‬           ‫الخطابات الدينية أن الله اصطفى نف ًرا‬
    ‫في موضوع الأعضاء‪ ،‬فهل من الممكن أن‬           ‫قلي ًل من عباده وأرسلهم –على فترات‪ -‬إلى‬
 ‫نسحب هذا على الموضوعات الأخرى ونقول‬                ‫بقية الناس ليبلغوهم تعاليمه‪ ،‬وما يجب‬
 ‫إنها مجازية أي ًضا كالإسراء والمعراج مث ًل؟‬     ‫أن يفعلوه وما يمتنعون عن فعله‪ ،‬وثوابهم‬
   ‫بالطبع هذا مبحث في غاية الأهمية قد آتي‬         ‫وعقابهم في الحالتين‪ ،‬وقد أملى على هؤلاء‬
     ‫إليه لاح ًقا حسب السياق‪ ،‬لكنني سأبدأ‬           ‫الأنبياء كتبًا –بواسطة َم َلك هو جبريل‪-‬‬
    ‫من جدلية (وجود الله)‪ ،‬أي‪ :‬كيف اهتدى‬             ‫ض َّمنها تعاليمه‪ ،‬وأن من آمن وعمل بها‬
   ‫الإنسان إلى وجود خالق كلي القدرة اسمه‬           ‫سيدخل الجنة‪ ،‬ومن أنكرها يدخل النار‪.‬‬
 ‫(الله)؟ وما يقودني إلى هذا حقيقتان‪ :‬الأولى‬         ‫هذه السردية لها وجاهة ومنطقية‪ ،‬فمن‬
 ‫أن أكثر من نصف سكان الأرض في الوقت‬
     ‫الحالي لا يعبدون الله‪ ،‬وكذلك الحال في‬            ‫السهل أن يؤمن الناس أن هذا الكون‬
  ‫الأزمان القديمة والأماكن المختلفة‪ ،‬والثانية‬    ‫الشاسع لم ُيخلق وحده‪ ،‬لا بد أن هناك من‬
   ‫أن عبادة الله حديثة بالنسبة لعمر الأرض‬        ‫خلقه‪ ،‬ولأنه كبير فيلزم أن يكون «الخالق»‬
 ‫ووجود البشر عليها كما يقدره العلماء‪ ،‬فقد‬
   ‫عبد المصريون القدماء –على سبيل المثال‪-‬‬           ‫قاد ًرا‪ ،‬ليس كالناس العاديين محدودي‬
‫آمون وآتون لآلاف السنين‪ ،‬وعبد الصينيون‬          ‫الإمكانيات‪ .‬أي ًضا حين ينظر المرء إلى سيرة‬
     ‫الفرس والهنود آلهة أخرى متعددة ولا‬
 ‫يزالون‪ ،‬وبالتالي فالأمر يستحق النظر بعي ًدا‬          ‫الإنسان منذ ولادته حتى مماته‪ ،‬فإنه‬
‫عن القداسة المبدئية التي يتقيد بها الدارسون‬    ‫سيسأل عن الغاية‪ ،‬فيم ُخلِ َق ول َم مات؟ وهل‬

 ‫في الأديان‪ ،‬مع التذكير بشيئين‪ :‬الأول أنني‬        ‫بموته ينتهي دوره إلى الأبد كأن لم يكن؟‬
 ‫لا أتحدث (في) الدين بل في الثقافة الدينية‪،‬‬    ‫لهذا فإن قصة الثواب والعقاب والجنة والنار‬
‫والثاني أنني سأفعل ما أنوي فعله من خلال‬         ‫تكون وجيهة‪ ،‬وتصلح جوا ًبا مقن ًعا للسؤال‪.‬‬

                 ‫النصوص المقدسة نفسها‪.‬‬                    ‫تجلي الإله‬

                                                  ‫(تجلي الإله‪ -‬جدلية الإلهي والإنساني في‬
                                               ‫الثقافة الإسلامية)؛ هو عنوان كتاب للدكتور‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12