Page 37 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 37

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫اسـت ارتيجيات وطنيـة‪ ،‬بالاسـتفادة مـن إمكاناتهمـا وسـلبيات العولمـة للدولـة المصريـة فـي علاقاتهـا‬

‫الثنائيـة بـدول الاقتصـادات العظمـى‪ ،‬وأمريـكا‬                  ‫فـي تقديـم السياسـات الاجتماعيـة الداعمـة للفئـات‬
                                                               ‫الاجتماعيـة محـدودة المـوارد‪ ،‬ممـا سـاعد علـى‬
‫تحديـداً‪ ،‬لـن يتأتـى إلا بالتشـديد علـى محوريـة‬                ‫ظهور أجيال جديدة من القوى البشرية ذات القد ارت‬
‫البعـد الإقليمـي‪ ،‬واالتكتـات الإقليميـة (اقتصاديـا‪،‬‬

‫والمهـا ارت الفنيـة والتقنيـة العاليـة‪ ،‬والتـي تلعـب دو ار وسياسـيا‪ ،‬وثقافيـا) لـدول المنطقـة العربيـة‪ .‬ولنـا‬
‫محوريـا فـي دعـم الاسـت ارتيجية الوطنيـة الرشـيدة فـي التاريـخ الحديـث الكثيـر مـن النمـاذج الناجعـة‬

‫داخـل الدولـة‪ ،‬وخـارج حدودهـا فـي ذات الوقـت‪ ،‬لتحقيـق المصالـح العربيـة المشـتركة‪ ،‬والمصالـح‬

‫وذلـك بالعمـل فـي الشـركات المعولمـة عابـرة القـا ارت الوطنيـة للدولـة المصريـة فـي ذات الوقـت‪ .‬وعليـه‬
‫فـي كل دول العالـم‪ ،‬وخاصـة العاملـة فـي مجـال نؤكـد وبإصـ ارر علـى أهميـة وضـرورة تعزيـز آليـة‬

‫العمـل العربـي المشـترك فـي ظـل المتغيـ ارت الكونيـة‬           ‫تكنولوجيـا المعلومـات‪ ،‬وتحديـداً بالولايـات المتحـدة‬
                                                               ‫والمملكـة المتحـدة‪ .‬إن بلـورة تلـك الاسـت ارتيجيات‬
‫للعولمـة‪ ،‬وفـي ظـل الص ارعـات الدوليـة فـي الوقـت‬
                                                               ‫العقلانيـة الوطنيـة اسـتطاعت مـن خلالهـا حكومـات‬
‫ال ارهـن تحديـداً‪ .‬مـن هنـا أشـدد علـى أن مسـألة‬
‫الاسـتق ارر الداخلـي للدولـة المصريـة‪ ،‬وأي دولـة‬               ‫هـذه الـدول أن تصـل بمجتمعاتهـا إلـى معـدلات‬

‫بالمنطقـة‪ ،‬لا يعتمـد فقـط علـى الآليـات الداخليـة‬              ‫ملموسـة للتنميـة الشـاملة‪ ،‬وإيجـاد موطـئ قـدم فـي‬
‫للدولـة‪ ،‬بـل هـو مشـروط وفـي ظـل العولمـة الشرسـة‪،‬‬             ‫ظـل التحديـات الجيوسياسـية والاقتصاديـة للعولمـة‬
‫بالتعـاون والشـ اركات والمصالـح العربيـة الإقليميـة‬
                                                                                                    ‫الليب ارليـة‪.‬‬

‫والجدير بالذكر في هذا الشـأن هو حالة الاعت ازز المشـتركة‪.‬‬

‫بالقيـم الاجتماعيـة المحليـة الإيجابيـة لهـذه الـدول‪ ،‬والفرصـة سـانحة اليـوم أكثـر مـن أي وقـت‬

‫والتركيـز ‪ -‬فـي تسـويقها عالميـا ‪ -‬علـى إنسـانيتها‪ ،‬مضـى للاسـتفادة مـن الاهتمـام الكبيـر الـذي توليـه‬
‫ومـن ثـم عموميتهـا‪ ،‬وصلاحيتهـا للمجتمـع الإنسـاني (الولايـات المتحـدة‪ ،‬ودول أوروبـا) باقتصاداتهمـا‬

‫الليب ارليـة‪ ،‬للمنطقـة العربيـة‪ ،‬والـذي يرجـع فـي المقـام‬      ‫بشـكل عـام‪ ،‬ممـا مكـن هـذه النمـاذج مـن الـدول‬
‫الأساسـي لكـون الجـزء الأكبـر مـن مخـزون الطاقـة‬               ‫الناميـة إلـى فـرض احتـ ارم دول العالـم لهـا‪ ،‬وتقديـر‬
‫يتوفـر بالعديـد مـن الـدول العربيـة (وهـو الأمـر الـذي‬         ‫سياسـاتها الاقتصاديـة‪ ،‬وكـذا احتـ ارم اختلافهـا‬

‫وتنوعهـا الثقافـي رسـميا وشـعبيا‪ ،‬الأمـر الـذي مكنهـا تتفـاوض حولـه اليـوم الولايـات المتحـدة والـدول‬

‫الصناعيـة الكبـرى فـي ظـل أزمـة الطاقـة التـي‬                  ‫مـن الانضمـام عـن جـدارة لمجموعـة دول الـ ‪20‬‬
‫ولدتهـا الحـرب الروسـية الأوك ارنيـة)‪ ،‬وكـذا للموقـع‬           ‫(أي مجموعـة دول الاقتصـادات البازغـة‪ ،‬عـاوة‬
‫الاسـت ارتيجي لهـذه المنطقـة‪ ،‬الـذي حتـم الأهميـة‬
                                                                              ‫علـى دول الاقتصـادات الكبـرى)‪.‬‬

‫الجيوسياسـية للمنطقـة العربيـة لتأميـن مصالـح‬                  ‫فـي ضـوء كل مـا تقـدم يمكـن اقتـ ارح عـدد مـن‬
‫أمريـكا والغـرب‪ ،‬فـي الشـرق بوجـه عـام‪ ،‬مـن جهـة‪،‬‬              ‫الآليـات (الإقليميـة والمحليـة) لمواجهـة الآثـار‬
‫ولحمايـة مصالحهمـا مـن التهديـات التـي قـد تأتـي‬               ‫السـلبية للمتغي ارت العالمية على العلاقات المصرية‬
‫مـن قبـل كل مـن روسـيا والصيـن‪ ،‬مـن جهـة أخـرى‪.‬‬                ‫الأمريكيـة‪ ،‬والتـي يمكـن أن تشـكل إطـا ار عقلانيـا‬

‫لمسـتقبل العلاقـات الثقافيـة والاقتصاديـة والسياسـية ــ إن بلـورة السـلطة التنفيذيـة والتشـريعية‬

‫للاسـت ارتيجية الوطنيـة للتنميـة الشـاملة‪ ،‬ورغـم‬               ‫بيـن البلديـن يتمثـل فـي التالـي‪:‬‬

‫ــ إن تفعيـل ونجـاح أي مقترحـات لتخطـي تحديـات الضغـوط الممارسـة عليهـا مـن قبـل الهيئـات الماليـة‬

                                                           ‫‪37‬‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42