Page 39 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 39
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
إلـى مرحلـة الديمق ارطيـة القانونيـة ،التـي تنعكـس مصـر إلـى إبـ ارزه والتشـديد عليـه فـي علاقاتهـا
الثنائيـة سـواء مـع الولايـات المتحـدة الأمريكيـة ،أو فيهـا وبالضـرورة حاجـات المجتمـع وتحقيـق مصالـح
غيرهـا مـن دول العالـم. فئاتـه المختلفـة .إن عمليـة ولاء أفـ ارد المجتمـع
للقانـون ولدولـة القانـون ،لا يحققهـا فـي واقـع
علمـا بـأن الـذات الثقافيـة الحضاريـة للمجتمـع الأمـر فـرض القانـون عليهـم ،بـل تفرضهـا عمليـة
المصـري لا تقتصـر فقـط علـى حضـارة مصـر التنشـئة الاجتماعيـة ،بوسـائط الضبـط الاجتماعـي
الفرعونيـة ،بـل هـي «ذات ثقافيـة» متروبوليتانيـة المسـتخدمة فـي هـذه العمليـة فـي المجتمـع الـذي
متعـددة الأبعـاد :الرومانيـة ،واليهوديـة ،والمسـيحية،
والإسـامية ،والعربيـة ،والإفريقيـة ،والآسـيوية، يعيشـون فيـه.
ومـن ثـم فالعبـرة ليسـت بوجـود ترسـانة مـن القوانيـن والأورومتوسـطية .ذلـك التعـدد الـذي دعـم لـدى
المنظمـة للعلاقـات بيـن الأفـ ارد بعضهـم البعـض ،الإنسـان المصـري فـي كل الحقـب التاريخيـة قيـم
وبينهـم وبيـن السـلطة التنفيذيـة والتشـريعية فقـط ،بـل التسـامح وقبـول الآخـر ،وهمـا قيمتـان رئيسـيتان
تتأسـس عليهمـا العلاقـات الدوليـة ،بشـكل عـام، العبـرة تتمثـل فـي الحـرص الرسـمي والمجتمعـي علـى
والمعاصـرة منهـا ،بشـكل خـاص. إنفـاذ القانـون ،وعلـى أن يكـون كل أفـ ارد المجتمـع
خاضعيـن لنفـس إجـ ارءات التقاضـي ،ومتسـاوين
مـن هنـا يجـدر بنـا أن نشـدد علـى أهميـة عـدم
الانجـ ارف و ارء مقـولات شـيطنة الثقافـة الغربيـة، أمـام القانـون.
وعليـه يمكـن القـول إن الديمق ارطيـة فـي أبعادهـا وعلـى أرسـها الثقافـة الأمريكيـة ،والتـي يركـز معظمنـا
السياسـية لا تنفصـل عـن أبعادهـا الثقافيـة على أبعادها السـلبية .فليسـت كل القيم الاجتماعية
والاجتماعيـة .فلكـي يعـي أفـ ارد المجتمـع حقوقهـم الغربيـة سـلبية .فممـا لا شـك فيـه أن الثقافـة الغربيـة
السياسـية ،لا بـد وأن يكونـوا قـد ُجبلـوا علـى تعتمـد علـى نسـق مـن القيـم الاجتماعيـة الإيجابيـة
عمليـة الممارسـة الديمق ارطيـة فـي كل المؤسسـات أسـهمت -ولا شـك ،ولا ازلـت حتـى اليـوم تسـهم
الاجتماعيـة المعنيـة بعمليـة التنشـئة الاجتماعيـة - ،فـي نجـاح ونمـو وتقـدم الـدول الغربيـة.
ومن أبرز هذه القيم الاجتماعية التي تدعم عملية وعمليـة الضبـط الاجتماعـي ،بـد ًءا بالأسـرة ،ومـرو ار
تطـور البنيـة الاجتماعيـة الاقتصاديـة ال أرسـمالية: بالمؤسسـة التعليميـة (قبـل المدرسـية ،والمدرسـية،
قيـم الدقـة والانضبـاط (فـي كل مـا يقـوم بـه الإنسـان والجامعيـة) ،ومؤسسـة العمـل ،وانتهـا ًء بالمؤسسـة
مـن عمـل ،وظيقـة كانـت ،أو عمـا حزبيـا ،أو
حتـى ممارسـة الرياضـة بشـكل فـردي ،أو جماعـي) السياسـية والإعلاميـة والدينيـة.
وقيمـة الصـدق والأمانـة (ومـن ثـم عـدم الكـذب
إن تمسـك واحتـ ارم عنصـري الدولـة ،حكومـة
وشـعبا ،بالخصوصيـة الثقافيـة للمجتمـع المصـري،
فـي كل التعامـات الرسـمية ،كالإقـ ار ارت الضريبيـة وخاصـة بمنظومـة قيمهـا الاجتماعيـة الإيجابيـة،
مثـاً ،أو فـي أماكـن العمـل ،أو فـي مجـال الحيـاة والولاء «للذات الثقافية” المصرية الواعية والمنفتحة
الشـخصية ،والعلاقـات الاجتماعيـة داخـل الأسـرة، والسـاعية فـي ذات الوقـت إلـى التعاطـي بثقـة ووعـي
إلـخ) ،وقيمـة إتقـان العمـل (بالإخـاص والتفانـي مـع الثقافـات الأخـرى ،يعـد فـي واقـع الأمـر سـمة
فـي العمـل الـذي اختـاره الفـرد .فمـن أبـرز الظواهـر ثقافيـة حضاريـة تحترمهـا بشـدة الـدول الكبـرى فـي
تعاملاتهـا وعلاقاتهـا مـع الـدول الناميـة التـي تنهـج التـي يمكـن مشـاهدتها فـي الـدول المتقدمـة هـي حالـة
هـذا النهـج ،وهـو الأمـر الـذي يجـب أن تسـعى النشـاط والانشـ ارح التـي تكتسـي بهـا وجـوه العامليـن
39