Page 48 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 48
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
والخطـأ لـم يكـن عمليـة حسـابية جافـة ،ولكنـه كان علـى مبـدأ “ال ّشـرف” و”النبـل” ،لا اعتـ ارف فيهـا
ارسـ ًخا فـي مشـاعرنا. إلا للشـريف النبيـل ،فـي مقابـل فكـرة الشـرف هـذه
حلـت فكـرة حديثـة عـن الك ارمـة dignityمحلهـا،
وتتطـور فكـرة الأصالـة مـن خـال إ ازحـة اللهجـة وتُسـتخدم بالمعنى الكوني universalistوالمسـاواة
الأخلاقية في هذه الفكرة .ليتم التركيز على الصوت ،egalitarianحيـث الحديـث عـن “ك ارمـة البشـر
الداخلـي ،ليكـون مهمـا لأنـه يخبرنـا بمـا يجـب فعلـه. المتأصلـة” أوعـن ك ارمـة المواطـن .إن الفرضيـة
البقـاء علـى اتصـال مـع مشـاعرنا الأخلاقيـة أمـر الأساسـية التـي يفترضهـا تايلـور هـي أن الجميـع
مهـم هنـا ،كوسـيلة للتصـرف الصحيـح .إنمـا يسـميه
تايلـور إ ازحـة اللهجـة الأخلاقيـة يعنـي أن التواصـل يشـاركون فـي الك ارمـة.
ويـرى أن مفهـوم الك ارمـة هـو المفهـوم الوحيـد مـع مشـاعرنا يصبـح ذا أهميـة أخلاقيـة مسـتقلة
المتوافـق مـع المجتمـع الديمق ارطـي ،وأنـه كان لا وحاسـمة.
يتعلـق الأمـر بشـيء يجـب أن نحققـه إذا أردنـا مفـر أن يحـل محـل مفهـوم الشـرف القديـم .ولكنـه
أن نكـون بشـًار حقيقييـن وكامليـن .والجديـد هنـا أن يؤكـد أي ًضـا أن أشـكال الاعتـ ارف المتسـاوي
الآ ارء الأخلاقيـة السـابقة ،كانـت تـرى أن التواصـل كانـت ضروريـة للثقافـة الديمق ارطيـة .وقـد بشـرت
يتـم مـع مصدرمـا -علـى سـبيل المثـال -الله ،أو الديمق ارطيـة فـي سياسـة الاعتـ ارف المتسـاوي ،والتـي
فكـرة الخيـر تعتبـر ضروريـة لكامـل الوجـود((1(. اتخـذت أشـكالا مختلفـة علـى مـر السـنين ،وعـادت
الآن فـي شـكل مطالـب للحصـول علـى مركـز
لكـن تايلـور يتحـدث عـن التحـول الذاتـي الهائـل
للثقافـة الحديثـة فـي الغـرب ،حيـث المصـدر الـذي المسـاواة بيـن الثقافـات والأجنـاس((1(.
يجـب أن نتواصـل معـه عميـق فينـا .وهـو شـكل
جديـد مـن النزعـة الداخليـة ،حيـث نفكـر فـي أنفسـنا لكـن أهميـة الاعتـ ارف recognitionقـد تـم
ككائنـات ذات أعمـاق داخليـة .كمـا يشـير إلـى أهـم تعديلهـا وتكثيفهـا مـن خـال فهـم جديـد للهويـة
كاتب فلسفي ساعد في إحداث هذا التغيير هو جان الفرديـة individual identityالتـي ظهـرت فـي
جـاك روسـو .Jean-Jacques Rousseau نهايـة القـرن الثامـن عشـر -فـإ ّن عصـر التنويـر
د ّشـن بدايـة ظهـور مفهـوم “الهوّيـة الفردّيـة” .وهـو
الـذي أحـدث تغييـ ار بالفعـل فـي الثقافـة الغربيـة. المفهـوم الـذي حكـم المجتمعـات الغربّيـة الحديثـة.
حين أ ّكد على متابعة صوت الطبيعة في داخلنا. ويتحدث تايلور عن مفهوم الهوية الفردية باعتباره
و أرى أن خلاصنـا الأخلاقـي يأتـي مـن اسـتعادة المثـل الأعلـى لـ “الأصالـة” “ ”authenticityالتـي
التواصـل الأخلاقـي الحقيقـي مـع أنفسـنا (((1().هـذا يـرى أن نقطـة انطلاقهـا فـي فكـرة ،القـرن الثامـن
الطـرح الـذي رده تايلـور إلـى جـذوره الغربيـة لـدى عشـر ،وهـي أن البشـر قـد وهبـوا شـعوًار أخلاقيـا
روسـو وهـردر ،Herderمسترشـدا بـه باعتبـاره
وشـعوًار بديهيـا بمـا هـو صـواب ومـا هـو خطـأ.
كانـت النقطـة الأصليـة فـي هـذا المبـدأ هـي المثـل الأعلـى للأصالـة .موضحـا كيـف توغلـت
أنمعرفـة الصـواب والخطـأ كانـت مسـألة حسـاب هـذه الفكـرة بعمـق كبيـر فـي الوعـي الحديـث.
(14) Ibid., p.,28. العواقب،خاصـة تلـك المعنيـة بالثـواب والعقـاب
( ((1يمكـن الرجـوع إلـى :جـان جـاك روسـو :العقـد الإلهـي .كانـت الفكـرة هـي أن الفهـم الصحيـح
الاجتماعـي أو (مبـادئ الحقـوق السياسـية) ،ترجمـة عـادل
(13)Charles Taylor, “The Politics of Recogni-
زعيتـر ،مكتبـة النافـذة ،ط أولـى.2012 ، tion.p 27.
48