Page 51 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 51
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
إنـه ردة فعـل حيـال التهديـد الـذي طـال سـامتهم، كمـا يتحـدث تايلـور عـن الإحـ ارج الأخلاقـي الناجم
ويؤكـد أنهـا لـن تكـون المـرة الأولـى التـي يشـهد عـن الواقـع والمعيـار فيقـول“ :نعيـش معظمنـا فـي
التاريـخ فيهـا مفارقـة مـن هـذا النـوع إذا مـا ُدفعـت البلـدان الغربيـة ...قـد نعانـي إح ارجـا بطـرح الحضارة
العقيـدة الكونيـة الشـمولية السـلمية إلـى شـن عنـف بمعنـى معيـاري غيـر صائـب سياسـيا ،وينتابنـا
الذعـر ،كمـا ننظـر نظـرة ازد ارء (غيـر صريحـة
يسـتهدف أكبـاش الفـداء((2(. دائمـا) إلـى مـن يرفضـون القيـم الأساسـية فـي هـذا
الواقـع أننـا نحـن العـرب والمسـلمين فـي كل بقـاع النظــام((2(.»..
العالـم أصبحنـا أكبـاش فـداء للسـيد الغربـي الميهمـن
والمسـيطر ،فكريـا وسياسـيا واقتصاديـا وثقافيـا .إنـه كمـا يتحـدث عـن الإحسـاس بالأمـان فـي قولـه:
الغربـي ،وقـد تبنـى النهـج الـذي اتبعـه نيتشـه فـي “إن لدينـا إحساسـا بالأمـان ناجمـا عـن إيماننـا بـأن
رفضـه قيـم المسـاواة والنزعـة الإنسـانية فـي النظـام هـذا النظـام سـار حقـا فـي عالمنـا ،إحسـاس آخـر
الحديـث جملـة واقتـرح سياسـات جديـدة للبطولـة بتفوقنـا وصلاحنـا المسـتمدين مـن مشـاركتنا فيـه
والهيمنـة والإ اردة. واعتناقنـا لـه»((2(.
ويعترف تايلور -في نهاية كتابه -أن المتخيلات وكمـا هـو واضـح أن كلام تايلـور هـو تعبيـر عـن
الاجتماعيـة الحديثـة قـد تكـون مليئـة بأشـكال الوعـي خصوصيـة غربيـة ،تؤكـد إحسـاس الأنـا الغربيـة
الإيديولوجـي ال ازئـف ...غيـر أن زيفهـا لا يمكـن أن بتفوقهـا وتميزهـا عـن غيرهـا ..وإنـي أتسـاءل :كيـف
يكون شـاملا ..المتخيل الاجتماعي يمكن أن يكون للخصوصيـة الغربيـة أن تتقنـع بقنـاع كونـي ،خلـف
مليئـا بأشـكال التخيـل والكبـت التـي تخـدم الـذات، مبـادئ أخلاقيـة إنسـانية كونيـة ،إنهـا مفارقـة بيـن
لكنه مكون أساسـي من مكونات ما هو حقيقي((2(. القـول والفعـل؟ بيـن الواقـع والمثـال ،بيـن الوصـف
والمعيـار .إن صياغـة الأفـكار أسـهل مـن تطبيقهـا،
وقـد توقـف جاكوبـي عنـد تايلـور ،عنـد حديثـه عمـا والاقتنـاع بهـا لا يضمـن تحققهـا علـى أرض الواقـع.
أسـماه الأعمـال الحديثـة التـي تجسـد المفهومـات إننـا نعيـش فـي عوالـم متعـددة عوالـم يصنعهـا لنـا
الواهنـة والسياسـات الجامـدة للتعدديـة الثقافيـة رجـال الفكـر والفلاسـفة فـي زمـن نهايـة اليوتوبيـا.
الليب ارليـة فـي نظـره ،وعنـد مؤلفي»التعدديـة الثقافيـة»
الذيـن يفترضـون أن بيـن الثقافـات ص ارعـات مـا الـذي حـول الأمـان والاسـتق ارر والنظـام إلـى
أساسـية ،ويتفكـرون كيـف يمكـن لليب ارليـة أن تُوفـق فوضـى وانعـدام أمـان وعنـف فـي عصرنـا ال ارهـن؟
إن تايلـور -فـي إشـارة منـه إلـى مـا حـدث فـي مركـز
بيـن المطالـب المتعاديـة((2(. التجـارة العالمـي -يشـير إلـى الدوافـع التـي تدفـع
العقيـدة الكونيـة السـلمية إلـى شـن عنـف يسـتهدف
وقـد توقـف جاكوبـي عنـد تايلـور بتعليـق ينتقـد فيـه أكبـاش الفـداء ،الذيـن هـم «أعداؤهـم فـي الداخـل».
تايلـور ،بقولـه :يبـدو تايلـور سـعيدا وهـو يحفـر حـول
( ((2المصدر السابق ،ص.207 العربـي للأبحـاث ودراسـة السياسـات ،ط أولـى ،بيـروت،
مـارس ،2015ص.203
( ((2المصدر السابق ،ص.208
( ((2راسـل جاكوبـي :نهايـة اليوتوبيـا ،السياسـة والثقافـة ( ((2المصدر السابق ،ص205
فــي زمــن الــا مبــالاة ،ترجمــة :فــاروق عبــد القــادر، ( ((2المصدر السابق ،ص206
عالــم المعرفــة ( ،)269مايــو ،2001ص.73
51