Page 99 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 99

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫مصطفى سويف‪..‬‬

  ‫البدايات والمآلات‬

 ‫د‪ .‬أحمد يوسف علي‬

‫كان دءوبـا علـى بلـوغ الغايـات التـي خطـط لهـا‬                              ‫‪-1-‬‬
‫وعمـل عليهـا‪ ،‬وهـي غايـات علميـة واجتماعيـة‬
‫وثقافيـة‪ .‬ورغمالمتغيـ ارت الاجتماعيـة والاقتصاديـة‬          ‫كانـت الجامعـة المصريـة فـي عهدهـا الأول ‪-‬‬
‫التي اجتاحت المجتمع المصري منذ العام ‪1967‬م‬                  ‫منـذ افتتاحهـا ‪1908‬م حتـى بعـد منتصـف القـرن‬
‫وامتـد تأثيرهـا السـلبي إلـى مفاهيـم العلـم والقيـم‬         ‫العشـرين بقليـل ‪ -‬جامعـة قـادرة علـى إنتـاج العلـم‬
‫الأكاديميـة التـي ترعـرع فـي ظلهـا‪ ،‬فـإن قدرتـه علـى‬        ‫وتخريـج العلمـاء والمنافسـة فـي المحافـل الدوليـة‪.‬‬
‫التكيـف والإنتـاج لـم يصبهـا الوهـن‪ ،‬وظـل إيمانـه‬           ‫وقـد وجدنـا ذلـك فـي أمثـال طـه حسـين ويوسـف مـ ارد‬
‫بالعلـم والخلـق القويـم ودورهمـا فـي تقـدم المجتمعـات‬       ‫ومنصـور فهمـي وعبـد الرحمـن بـدوي ولويـس عوض‬
                                                            ‫وأميـن الخولـي ومصطفـى مشـرفة ومصطفـى زيـوار‬
                              ‫والأمـم لـم يتغيـر‪.‬‬           ‫ومصطفـى صفـوان وغيرهـم ممـن يعـزون علـى‬

‫والإشـكال الـذي نطرحـه فـي هـذا المقـام هـو كيـف‬                                   ‫الحصـر فـي هـذا المقـام‪.‬‬
‫حققمصطفـى سـويف هـذا المنجـز العظيـم دون‬
‫ت ارجـع أو كلـل أو يـأس وقـد أحاطـت بـه وبمشـاريعه‬          ‫وفـي هـذه البيئـة العلميـة النشـطة نشـأ مصطفـى‬
‫كل أسـوار الإحبـاط؟ لقـد تغيـر المسـرح وتبدلـت‬              ‫إسماعيل سويف (‪ ،)2016 : 1924‬بين منج ازت‬
‫أشـخاصه‪ ،‬وتحولـت قيمـه علـى امتـداد سـبعين عامـا‬            ‫الحركـة الوطنيـة فـي الحريـة والفكـر والاسـتقلال‬
‫أو أكثـر هـي العمـر العلمـي الفعلـي‪ .‬وعلـى أيـة‬             ‫والرغبـة الجارفـة فـي تأسـيس النهضـة المصريـة‬
‫أسـس بنـى رؤيتـه؟ ومـاذا كانـت البدايـات؟ ومـاذا‬
‫طـ أر عليهـا؟ ومـاذا بقـي منهـا؟ ومـا المعالـم الكبـرى‬             ‫علـى أسـس العلـم والفكـر والفـن والقانـون‪.‬‬
‫لهـذا المنجـز؟ وكيـف آلـت ريادتـه إلـى تلاميـذه وماذا‬
                                                            ‫ومـع أنمصطفـى سـويف شـهد زمـن الـرواد فـي‬
                         ‫قدمـوا؟ ومـاذا أضافـوا؟‬            ‫العلـم والفكـر والفـن والحريـة‪ ،‬ونهـل مـن فيـض‬
                                                            ‫عطائهم‪ ،‬فإنه قد شق لنفسه طريقا بين طرق الرواد‬
‫لا نسـتطيع أن نجـاري القـول الشـائع عـن أن أحـد‬             ‫المزدحمـة بالتعـدد والتنـوع‪ ،‬ورفـع علـى جنبـات هـذا‬
‫تلاميـذه هـو المؤسـس والمؤصـل لعلـم نفـس الإبـداع‪،‬‬          ‫الطريـق ارياتـه التـي أعلنـت عـن ارئـد عظيـم مـن رواد‬
‫وأنه قد ارد طريقا لم يعرفه العلم في مصر إلا على‬             ‫العلـم الاجتماعـي‪ ،‬وعلـوم الجمـال والإبـداع والتـذوق‬
‫يديـه‪ ،‬ولا نسـتطيع أن نقبـل الأقـوال العاطفيـة التـي‬        ‫والطـب النفسـي‪ ،‬وقـد أهلتـه هـذه الريـادة إلـى تأسـيس‬
‫ترسـخ ريـادة غيـر مسـتحقة لأحـد تلاميـذ مصطفـى‬              ‫مدرسـة علميـة كانـت لهـا أصداؤهـا فـي داخـل مصـر‬
‫سـويف بعـد أن توفـاه الله‪ .‬فتاريـخ العلـم والريـادة لا‬      ‫وفـي العالـم العربـي‪ ،‬وفـي المحافـل العلميـة الدوليـة‬
‫يحدده الولاء العاطفي ولا الانفعال الوقتي ولا حفلات‬          ‫فـي أوروبـا وأمريـكا‪ .‬وظلـت ارياتـه خفاقةبوفائـه‬
‫التأبيـن‪ ،‬ومـا ينتـج عـن لحظـات الفقـد والحـزن مـن‬          ‫لعلمـه ومثابرتـه علـى العطـاء حتـى الرمـق الأخيـر‪.‬‬
‫أقـوال مرسـلة مـن مثـل تأسـيس النقـد الأدبـي علـى‬
                                                            ‫لـم يكنمصطفـى سـويف نجمـا مـن نجـوم الفـن ولا‬
        ‫أسـس علميـة شـادها التلميـذ قبـل الأسـتاذ‪.‬‬          ‫السياسـة‪ ،‬ولا حريصـا علـى الشـهرة والانتشـار‪ ،‬ولا‬
                                                            ‫علـى اعتـاء المناصـب والك ارسـي الناعمـة‪ ..‬ولكنـه‬

                                                        ‫‪99‬‬
   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104