Page 127 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 127
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
الطموحـة ،بعبـارة أخـرى :المـ أرة الطاهـرة القديسـة، الـذي يعيشـه الرجـل ،حيـن كتـب فـي روايتـه «عـودة
أمـا المـ أرة الجريئـة أو الطموحـة أو المتفتحـة العينيـن
ذات الجسـارة والقـوة ،فهـى غالًبـا مـا ترمـز إلـى الـروح» ،إن المـ أرة المصريـة هـى أمهـر امـ أرة لأنهـا
الُفجـر أو عـدم الاحتشـام؛ بعبـارة أخـرى :إنهـا تمثـل
تـدرك بالغريـزة مـا فـي النظـرة الواحـدة مـن وقـع
المـ أرة العاهـرة أو البغـي. إلـى ُمحِّدثهـا كثيـًار ،ولا
ج ازًفـا كمـا تفعـل المـ أرة تنظ ـر لا وتأثيـر؛ لـذا هـى
وبالرغـم مـن أن ثـورة يوليـو 1952فـي مصـر تُقِّلبه ـا ولا تحـول بنظ ارتهـا،
منحـت العمـال والفلاحيـن %50مـن المقاعـد فـي
مجلـس الأمـة (البرلمـان) ،فإنهـا لـم تمنـح النسـاء الغربيـة الجريئـة النزقـة ،بـل إنهـا تحتفـظ بهـا بيـن
أي عـدد مـن المقاعـد .برغـم أن الفلاحيـن والعمـال
حصلـوا علـى نصـف المقاعـد نظ ًرّيـا ،فـإن أبنـاء أهدابهـا المرخـاة ،كمـا ُيحفـظ السـيف فـي الغمـد ،إلـى
الكادحيـن والعمـال لـم يصلـوا أبـًدا إلـى ك ارسـي أن تحيـن السـاعة المطلوبـة ،فترفـع أرسـها وترشـق
مجلـس الأمـة ،وإنمـا وصـل إليهـا رجـال مـن طبقـات
أعلـى تنكـروا فـي زي الفلاحيـن والعمـال .وقـد كان نظـرة واحـدة تكـون هـى كل شـيء.
تعريـف العامـل والفـاح فضفا ًضـا يسـمح بدخـول
أصحـاب الدخـول الكبيـرة ممـن لا يفلحـون الأرض ويـكاد ُيشـبه هـذا الوصـف نسـاء ألـف ليلـة وليلـة،
وخبرتهـن وتمرسـهن علـى وسـائل السـحر والفتنـة،
أو يعملـون بأيديهـم فـي المصانـع. وكيفيـة إيقـاع الرجـل فـي ال َّشـرك .برغـم اشـتهاء
وبنـاء علـى ذلـك تسـتنتج نـوال السـعداوي أنـه لـو الرجـل العربـي لمثـل هـذه الأنوثـة السـاحرة فإنـه لا
خصص للنسـاء بعض مقاعد في البرلمان لاحتلتها
نسـاء الطبقـة العاليـة اللائـي يؤيـدن النظـام والسـلطة يشـتهيها إلا للمتعـة فحسـب ،أو العشـق .أمـا المـ أرة
فـي معظـم الأحيـان ،وربمـا تنكـر بعـض الرجـال فـي التـي يريدهـا أن تكـون زوجـة لـه وأ ًّمـا لأولاده ،فهـو
يختارهـا طاهـرة كاملـة ،هـو يريدهـا شـريفة عفيفـة،
زي النسـاء واحتلـوا مقاعدهـن( .ص )118
وليسـت أنثـى جريئـة كتلـك المـ أرة الغربيـة المتحـررة.
هكـذا تُعـري الدكتـورة نـوال السـعداوى الشـخصية
العربيـة ،وتكشـف عوارهـا؛ ولهـذا هـى مكروهـة!! (ص )105
إنها تزيح الغطاء عن المسكوت عنه من تناقضات
المجتمعـات العربيـة الإسـامية ،وازدواجيـة معاييرهـا وتـزداد حيـرة الرجـل العربـي المعاصـر إ ازء خـروج
المـ أرة العربيـة للعمـل والمشـاركة فـي المجتمـع،
الأخلاقيـة. وخاصـ ًة بعـد غـزو الأفـكار الاشـت اركية للشـرق
العربـي؛ وينعكـس ذلـك فـي الأدب ،وبرغـم تأييـد
الرجـل لخـروج المـ أرة للعمـل؛ فـإن عملهـا خـارج
البيـت يظـل فـي نظـره شـيًئا ثانوًّيـا ،ومهمتهـا
الأساسـية والأولـى فـي الحيـاة هـى أعمـال البيـت
وخدمـة الـزوج ورعايـة الأطفـال .وعلـى ذلـك فقـد
ظلـت المـ أرة المثاليـة -فـي نظـر الرجـل -هـى
تلـك الجميلـة الوديعـة المطيعـة ،غيـر الجريئـة أو
127