Page 40 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 40
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
لحقـت بهـا. والتلاميـذ فـي الصبـاح الباكـر عنـد ذهابهـم لأماكـن
عملهـم ومدارسـهم).
تشـير الشـواهد والخبـ ارت الحياتيـة اليوميـة إلـى
انتشـار ظواهـر اجتماعيـة سـلبية مدفوعـة بمجموعـة وقيمـة التركيـز علـى الـذات (بالعمـل علـى تنميـة
مـن القيـم التـي تتناقـض مـع قيـم التسـامح وقبـول قد ارتهـا ومها ارتهـا ،مـن أجـل التفـوق والنجاح والترقي
الآخـر المختلـف ،قيـم تدعـو إلـى التمركـز حـول فـي مجـال العمـل ،أو الد ارسـة ،أو الرياضـة ،أو فـي
الـذات ،وتحقيـق مصالحهـا الخاصـة علـى حسـاب مجـالات الأنشـطة والمشـاركات العامـة فـي خدمـة
المصلحـة العامـة ،قيـم الفهلـوة والنفـاق والكـذب ،قيـم المجتمـع مـن خـال مؤسسـات المجتمـع المدنـي،
التهـرب مـن القانـون ،بـل والتباهـي بمخالفتـه ،قيـم وذلـك عوضـا عـن السـعي لنقـد الآخريـن وتحميلهـم
تبـرر الرشـوة والفسـاد...إلخ. مسـؤلية الفشـل الشـخصي).
هنـا تصبـح آليـات عمليـة التنشـئة الاجتماعيـة، علمـا بـأن نمـاذج القيـم الإيجابيـة سـالفة الذكـر هذه
ووسـائطها المتمثلـة فـي كل الأنظمـة والمؤسسـات تعتمـد بالأسـاس علـى القيمـة الاجتماعيـة العليـا فـي
الاجتماعية (كألأسرة ،المدرسة ،الجامعة ،الإعلام، المجتمعـات الغربيـة ،ألا وهـي قيمـة العقلانيـة ،أو
الحـزب السياسـي ،والمؤسسـة الدينيـة ،والمؤسسـة الرشـد ،والتـي تتعـارض مـع -ومـن ثـم تلفـظ -
القانونيـة ،ومنظمـات المجتمـع المدنـي) فـي المجتمع
المصـري هـي الآليـة الرئيسـية الفاعلـة للعمـل علـى القيـم الاجتماعيـة القبليـة غيـر العقلانيـة.
تغييـر الأنمـاط القيميـة الثقافيـة السـلبية ،واسـتبدالها
إن ما أرغب في التشـديد عليه هنا هو أنه ،ورغم
بمجموعـة مـن القيـم الاجتماعيـة الإيجابيـة. ظاهرة سيطرة الثقافية الغربية المعولمة ذات الطابع
الليب ارلـي الأمريكـي علـى كل دول العالـم ،وهـي
هنـا يجـب أن نسـأل :هـل تقـوم هـذه المؤسسـات الظاهـرة التـي تتجلـى بوضـوح فيهـا حالـة التناقضـات
-مـن منطلـق تمسـكها بالقيـم الاجتماعيـة المؤكـدة الثقافيـة فـي المنطقـة العربيـة تحديـداً ،فـإن السـعي
قبـول الآخـر ،والتعـاون معـه ،والاسـتفادة مـن خب ارتـه إلـى الكشـف عـن تلـك السـلبيات والنواقـص ،مـن
-بإبـ ارز مجموعـة القيـم الإيجابيـة فـي الثقافـة أجـل الحـد مـن آثارهـا علـى العلاقـات الثنائيـة
الغربيـة ،والعمـل علـى نشـرها ،بـل وممارسـتها، المصريـة الأمريكيـة يجـب أن ينطلـق بالأسـاس مـن
الداخـل المصـري ،الداخـل المصـري بـكل مـا يحتويـه
وتشـجيع الممارسـيين لهـا فـي هـذه المؤسسـات؟ مـن مؤسسـات رسـمية وغيـر رسـمية قائمـة بمسـئولية
إنفـاذ عمليـة التنشـئة الاجتماعيـة ،تلـك العمليـة
هنـا سـيقودنا البعـض إلـى القـول بـأن هـذه القيـم المحوريـة والمسـتمرة فـي حيـاة البشـر أينمـا وجـدوا.
الإيجابيـة شـدد عليهـا الديـن الإسـامي ،ومـن قبلـه
الديانتـان المسـيحية واليهوديـة ،فهـي موجـودة بالفعـل ويعتمـد ذلـك فـي واقـع الأمـر علـى أن تتوفـر لـدى
النخـب الساسـية والثقافيـة والدينيـة والعلميـة شـجاعة
فـي المجتمـع المصـري. الاعتـ ارف بانتشـار العديـد مـن الظواهـر الاجتماعيـة
المنبثقـة عـن مجموعـة مـن القيـم الاجتماعيـة
هذا بكل تأكيد صحيح ،ولكن أين هي الممارسات السـلبية ،وأن يكـون لديهـم الرغبـة الحقيقيـة ،فـي
السـلوكية الآخـذة فـي اعتبارهـا ،والمتبعـة لهـذه القيـم ذات الوقـت ،للعمـل علـى إصـاح وتنقيـة «الـذات
الدينيـة؟ أيـن الأسـرة المصريـة ،وأسـاليب تنشـئتها الثقافيـة المصريـة» مـن الملامـح السـلبية التـي
للأبنـاء مـن ذلـك؟ أيـن سـلوكيات الانضبـاط فـي
الشـارع المصـري ،مـن قبـل المترجليـن أو السـائقين؟
أيـن التـ ازم الموظفيـن العمومييـن ،وموظفـي القطـاع
40