Page 44 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 44

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫بين الكونية وخصوصية الثقافة‪..‬‬
      ‫رؤية تحليلية نقدية‬

        ‫فاطمة إسماعيل‬
‫أستاذ الفلسفة ‪ -‬جامعة عين شمس‬

‫المصطلحـات‪ ،‬أو الخلـط بينهـا أحيانـا‪ ،‬مـن مثـل‪:‬‬           ‫يدور هذا البحث حول ثلاث نقاط‪:‬‬

‫مصطلـح ‪ ،Cosmopolitanism‬ومصطلـح‬                              ‫	•الأولى‪ :‬في فلسفة الكوني‪.‬‬
‫‪ Universalism‬ومصطلـح ‪،Mondialisation‬‬                      ‫	•الثاني ًة‪ :‬في خصوصية الثقافة‪.‬‬
‫و مصطلـح ‪ .Globalization‬وكل مصطلـح‬
‫منهـا يحمـل العديـد مـن المعانـي بحسـب السـياقات‬             ‫	•الثالثة‪ :‬في العلاقة بينهما‪.‬‬
                                                                   ‫أولاً‪ :‬في فلسفة الكوني‪:‬‬
                      ‫المختلفـة التـي يـرد فيهـا‪.‬‬

‫فنجـد موسـوعة سـتانفورد تتحـدث عـن الكونيـة‪ ،‬أو‬           ‫إن الحديـث عـن «فلسـفة الكونـي وخصوصيـة‬
‫الكوزموبوليتيـة (((‪ Cosmopolitanism‬فنجـد فيهـا‬            ‫الثقافـة» يتشـعب تشـعبات كثيـرة ومتشـابكة‪ .‬لأنـه‬
‫أن كلمـة ‘‪ ’cosmopolitan‬مسـتمدة مـن الكلمـة‬               ‫أولا ليـس مـن السـهل أن يتفـق الفلاسـفة حتـى علـى‬
‫اليونانيـة ‪ kosmopolitês‬أي “مواطـن العالـم”‪،‬‬              ‫معنـى فلسـفة‪ (((.‬لكـن لابـد أن نعـود إلـى أعمـال‬
‫وتسـتخدم كلمـة ‪ ،Cosmopolitanis‬لوصـف‬                      ‫بعـض الفلاسـفة وتحليلاتهـم فـي هـذا الموضـوع‪،‬‬
‫مجموعـة واسـعة مـن الآ ارء المهمـة فـي الفلسـفة‬           ‫سـنجد العديـد مـن الآ ارء التـي تؤكـد تشـابك بعـض‬

              ‫الأخلاقيـة والاجتماعيـة السياسـية‪.‬‬          ‫((( اختلـف الفلاسـفة فـي تعريـف الفلسـفة حسـب المذهـب‬
                                                          ‫الـذي يتبنـاه كل منهـم‪ ،‬ويقـف كل فيلسـوف مـن سـابقيه‬
‫وتشـترك جميـع وجهـات النظـر العالميـة فـي فكـرة‬           ‫موقـ�ف المحـ�اور والمجـ�ادل مثبتـ�ا مـ�ا أرتـ�آه‪ ،‬ارفضـ�ا مـ�ا لا‬
‫أن جميـع البشـر ‪ -‬بغـض النظـر عـن انتمائهـم‬               ‫يـ اره بصـدد نفـس المسـائل‪ ،‬ففـي المذاهـب الفلسـفية كل‬
‫السياسـي ‪ -‬هـم (أو يجـب أن يكونـوا) مواطنـون‬              ‫لاحـق منهـا جـواب علـى السـابق‪ ،‬ومحاولـة لحـل نقائضـه‪،‬‬
‫فـي مجتمـع واحـد‪ .‬تصـور الإصـدا ارت المختلفـة مـن‬         ‫واسـتئناف للتسـاؤل عـن الـدرس الفلسـفي بحيـث إن أردنـا‬
‫الـ ‪ Cosmopolitanism‬المجتمـع بطـرق مختلفـة‪،‬‬               ‫أن نفهـ�م الفلسـفة ‪ -‬أو بالأحـرى المذاهـب الفلسـفية ‪ -‬فمـا‬
‫بعضهـا يركـز علـى المؤسسـات السياسـية‪ ،‬والبعـض‬            ‫علينـا إلا أن نعيدهـا سـيرتها الأولـى مقتفيـن بعـد ذلـك‬
‫الآخـر يركـز علـى القواعـد أو العلاقـات الأخلاقيـة‪،‬‬       ‫مس�ارها؛ لنـرى وجهـات النظـر المتطاحنـة فـوق مسـرحها‪،‬‬
‫بينما يركز البعض الآخر على الأسواق المشتركة‪،‬‬              ‫ونـرى المحاوريـن‪ ،‬أو بالأحـرى الفلاسـفة أنفسـهم ينقضـون‬
                                                          ‫بعضهـم بعضـا‪ ،‬ومـا ذاك إلا لأن الفلاسـفة أشـبه بمتفرجيـن‬
                     ‫أو أشـكال التعبيـر الثقافـي‪.‬‬         ‫فـي ملعـب كـرة يـرى كل واحـد منهـم الملعـب واللاعبيـن مـن‬
                                                          ‫موقف�هـ أو موقعـه ال�ذي لا يشـاركه في�ه غي�ـره‪( ..‬إن اختـاف‬
‫فـي معظـم إصـدا ارت الكوزموبوليتانيـة العالميـة‪،‬‬          ‫الفلاسفة أشد من اختلاف رؤية المشاهدين لمبا ارة كرة قدم‪،‬‬
‫يعمـل المجتمـع العالمـي للمواطنيـن العالمييـن كمثـال‬      ‫والأدق اسـتعمال أشـبه بمصوريـن التقطـوا صـو ار متعـددة‬
‫إيجابـي يجـب إنمـاؤه وتشـجيعه‪ ،‬ولكـن هنـاك بعـض‬           ‫لجبـل مـن جهـات مختلفـة‪ ،‬فجـاءت صورهـم متباينـة)‪ ،‬ومـن‬
‫الإصـدا ارت التـي تعمـل فيهـا أسا ًسـا لحرمانهـا مـن‬      ‫ثم فهناك فلسـفات أو مذاهب فلسـفية لا فلسـفة واحدة‪( .‬أ‪.‬د‪.‬‬
                                                          ‫أحمـد محمـود صبحـي‪ :‬هـل أحـكام الفلسـفة برهانيـة؟ د ارسـة‬
‫((( يُراجـع فـي ذلـك ‪https;// plato.stanford.edu/‬‬         ‫لموضـوع التوفيـق بيـن الديـن والفلسـفة‪ ،‬بحـث منشـور ضمـن‬
‫‪ ،entries/cosmopolitanism‬وكذلــك المصطلحــات‬              ‫الكتـاب التـذكاري بعنـوان‪ :‬الفيلسـوف ابـن رشـد مفكـ ار عربيـا‬
                                                          ‫و ارئـدا للاتجـاه العقلـي‪ ،‬إشـ ارف وتصديـر‪ :‬عاطـف الع ارقـي‪،‬‬
                    ‫الأخـرى فـي موسـوعة سـتانفورد‪.‬‬        ‫المجلـ�س الأعلـ�ى للثقافـ�ة‪ ،‬لجنـ�ة الفلسـ�فة والاجتمـ�اع‪ ،‬القاهـ�رة‪،‬‬

                                                                                              ‫‪ ،1993‬ص‪.)68‬‬

                                                      ‫‪44‬‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49