Page 47 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 47
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
فـي كتابـه” الصـ ارع مـن أجـل الاعتـ ارف” والفيلسـوفة جنسـه ،أو دينـه ،أو بلـده ،أو ثقافتـه..؟ هـل يقصـد
الأمريكيـة ناسـي فريـزر التـي تناولـت موضـوع الإنسـان فـي كل مـكان علـى كوكـب الأرض؟؟ أم
“العدالـة والاعتـ ارف” ((1(،وغيرهـم ..سـنقف قليـا
يقصـد الإنسـان الأوروبـي؟
عنـد تايلـور.
وإذا كانـت الفلسـفة كونيـة تدعـو إلـى كونيـة القيـم
الفيلسـوف الكنـدي تشـارلز مارغريـف الإنسـانية؛ فهل الكونية تتسـق مع العولمة بما هي
تايلورCharles Margrave Taylor :)-1931( انتصـار لثقافـة غربيـة أمريكيـة خاصـة تهيمـن علـى
،)....اشتهر بدفاعه عن الحقوق الثقافية للأقليات، بقيـة الأمـم عـن طريـق الدعايـة والإكـ اره..؟ أليسـت
حيـن كتـب عـن مفاهيـم :العدالـة ،والمورثـات الثقافيـة هـذه العولمـة الثقافيـة هـي صـورة مـن صـور التفـرد
الثابتـة ،التـي هـي قيـم أخلاقيـة ،وعـن الأصالـة، والتميـز الـذي يسـحق التفـرد والتميـز لـدى الآخريـن
وسياسـة الاعتـ ارف ،والتعدديـة الثقافيـة ،وحقـوق سـحقا تحـت غطـاء الكونيـة؟ فهـل هـي خصوصيـة
الأقليات ...إلخ؛ فإن فلسفته تدور في إطار الفلسفة
الغربيـة ،وكلامـه عـن التعـدد والاختـاف يقصـد بـه تتقنـع بقنـاع الكونيـة.
«التعـدد والاختـاف فـي الأنظمـة الليب ارليـة الغربيـة».
الحـق ُيقـال إننـا نجـد فـي النصـوص الفلسـفية
هـل اسـتطاع تايلـور أن يحـل التوتـر بيـن الكونيـة رؤى منهجيـة ،ود ارسـات نقديـة متعـددة ،لكـن أيضـاً
والخصوصيـة؟ علينـا أن نضـع فـي الاعتبـار أن هـذه الآ ارء ُمح ّملـة
بتكوينـات ثقافيـة معينـة ،وبمعتقـدات وقناعـات
وفـي كتابـه «سياسـة الاعتـ ارف” ( ((1يقـدم تشـارلز ذاتيـة مسـبقة ،فضـا عـن أنهـا تمثـل تطـو ار فكريـا
تايلـور وجهـة نظـره فـي الثقافـة والحقـوق الثقافيـة، يسـتمد وجـوده مـن نقـده للسـابقين مـن الغربييـن
حيـث اشـتهر بدفاعـه عـن الحقـوق الثقافيـة والمعاصريـن ،فيأتـي نمـوا طبيعيـا يسـتمد وجـوده مـن
للأقليـات ،وضـرورة إعـادة النظـر فـي الليب ارليـة واقعـه الذاتـي وتاريخـه الخـاص ،وتجاربـه ال ُمعاشـة،
لجعلهـا أكثـر انفتاحـا علـى تلـك الحقـوق ،فتنـاول وظروفـه الثقافيـة والفكريـة والاجتماعيـة والسياسـية
مسـألة التعـّدد الثقافـي وحقـوق الأقلّيـات الثقافّيـة، والاقتصادية ...إلخ .فالفيلسـوف ابن عصره وربيب
بـد ًءا مـن مبـدأ “الاعتـ ارف” ،أو مـا صـار ُيعـرف
تحـت مسـ ّمى «سياسـة الاعتـ ارف»”Politics of زمانـه ،علـى حـد أري هيجـل.
.”Recognition فحينمـا يتحـدث الفيلسـوف الغربـي عـن الليب ارليـة،
فإنـه يتحـدث عـن المجتمـع الليب ارلـي الغربـي ،ونجـد
ولمـا كان تايلـور يتحـدث عـن العالـم الغربـي فإنـه مؤثـ ارت فكـره غربيـة ،وحينمـا يـرّد الأفـكار إلـى
يـرى أن الاعتـ ارف بحقـوق الأقلّيـات -لا سـّيما جذورهـا ،يردهـا إلـى الجـذور اليونانيـة ،ليؤكـد علـى
منهـا الحقـوق الثقافّيـة -مـا كانـت مطروحـة فـي
المجتمعـات القديمـة .فهـذه المجتمعـات إّنمـا بنيـت أصالـة فكـره ونقائـه..
(11) Nancy Fraser, Justice Interrupts: Critical فمـن الفلسـفات المعاصـرة التـي عالجـت الموضـوع
Reflections on the “Post socialist” Condi- الـذي نحـن بصـدده؛ مـا قدمـه تشـارلز تايلـور فـي:
tion( New York: Routledge, 1997),pp.11-31 «سياسـة الاعتـ ارف» )((1((،ومـا قدمـه أكسـل هونيـث
(12)Charles Taylor, “The Politics of Recogni- (10)Charles Taylor, “The Politics of Recogni-
tion” in Multiculturalism, ed, Amy Guttmann tion” in Multiculturalism, ed, Amy Guttmann
(Princeton: Princeton University Press, 1994, (Princeton: Princeton University Press, 1994,
pp.25-73. pp.25-73.
47