Page 52 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 52

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                   ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫المسـألة‪ :‬كيـف يمكـن لليب ارليـة الكلاسـيكية القائمـة البوليسـي‪((2(.‬‬

‫فضلا عن ذلك ‪ -‬كما يرى جاكوبي ‪ -‬أن تايلور‬                     ‫علـى المسـاواة أن تتصالـح مـع التعدديـة الثقافيـة‬
‫ينزلـق مـن خ ارفـة الأفـ ارد الأصـاء إلـى الثقافـات‬          ‫التـي تتطلـب اعت ارفـا خاصـا بثقافـات محـددة؟ علـى‬
‫الأصيلـة‪ ،‬وهـي فكـرة أكثـر غموضـا والتباسـا‪،‬‬                 ‫أنـه كـي يحصـل علـى الثمـرة ُيعلـق علـى موضوعات‬
‫فيفتـرض أن ثمـة ثقافـات معينـة فـي حاجـة إلـى‬                ‫جـادة‪ .‬وكبدايـة‪ :‬مـا الأصالـة؟ وكيـف يمكـن أن‬
‫اعت ارف خاص‪ ،‬أي ثقافات؟ وأي نوع من الاعت ارف؟‬
                                                                                                    ‫تتحقـق؟‬

‫وعنـد تايلـور فـإن الأصالـة تغـذي الاختلافـات يفتـرض تايلـور‪ ،‬ببسـاطة “كل المجتمعـات تصبـح‬

‫التـي تشـكل التعدديـة الثقافيـة‪ .‬لكنـه يضفـي مسـحة ذات تعـدد ثقافـي علـى نحـو مت ازيـد‪ ،”...‬كمـا لـو‬

‫الأسـطورة علـى المفهـوم‪ ،‬وهـو المفضـل لـدى كانـت هـذه حقيقـة تثبـت نفسـها بنفسـها‪ ،‬كمـا يفتـرض‬
‫الوجودييـن الأوربييـن مثـل مارتـن هيدجـر‪ ،‬وعلـى أن ثقافـة الأغلبيـة تهـدد ثقافـات الأقليـات‪ ،‬دون أن‬

‫الفيلسـوف الكنـدي الحصيـف أن يشـتبك وأتبـاع يزعـج نفسـه بـأن يقـول لنـا مـا ثقافـات الأقليـة التـي‬

‫هيدجـر الغارقيـن فـي الضبـاب‪ .‬ويستشـهد جاكوبـي يتحـدث عنهـا؟ وبـم تتميـز؟‬

‫ويسـتمر جاكوبـي فـي نقـده الـاذع لتايلـور موضحا‬              ‫بمـا قالـه ت‪.‬و‪ .‬أدورنـو فـي كتابـه الجدلـي ضـد‬
‫اختلافـه فـي العديـد مـن الأفـكار التـي يدعـو لهـا‬           ‫الهيدجرييـن «رطانـة الأصالـة»‪ ،‬إن «الأصالـة»‬
‫تايلـور‪ ،‬معلنـا عـن فشـله فـي العديـد مـن آ ارئـه‪،‬‬           ‫ذاتهـا مفهـوم مشـتبه‪ ،‬يَّدعـي ُعمقـا ليـس لـه‪ .‬ثـم إن‬
‫موضحا أن تايلور وزملاءه يتوجهون نحو ص ارعات‬                  ‫هـذا التعبيـر يسـتثير نزعـة باطنيـة جذريـة‪ ،‬ويفتـرض‬
‫حقيقيـة‪ ،‬لكـن الرطانـة عـن الاعتـ ارف والأصالـة‪،‬‬             ‫شـكلا ذا طابـع أسـطوري وشـكلي وفـارغ‪ .‬أن يكـون‬
‫وتقديـر الـذات الثقافيـة تلقـى بالأوحـال فـي الميـاه‪.‬‬        ‫شـخص مـا «أصيـاً» أو لا يكـون‪ ،‬علـى أي‬
‫إنهـم يـكادون لا يتفكـرون فـي‪ :‬مـا يكـِّون الثقافـة‪،‬‬         ‫أسـاس؟ يكتـب أدورنـو‪« :‬هنـا تنبـذ الموضوعيـة‪،‬‬
‫ومـا التعدديـة الثقافيـة داخـل مجتمـع واحـد؟ والحقيقـة‬       ‫وتصبـح الذاتيـة هـي الحكـم علـى الأصالـة‪،»...‬‬
‫أنهـم ينزلقـون مـن التعدديـة الثقافيـة إلـى الاختلافـات‬      ‫وتنتهـي فكـرة الأصالـة إلـى الحشـو والتكـ ارر‪ ،‬فالـذات‬
‫الثقافيـة‪ ،‬من»ط ارئـق الحيـاة» وحتـى «ط ارئـق رؤيـة‬          ‫هـي الـذات‪« ،‬والإنسـان هـو‪ ،‬وهـو مـا يكونـه»‪ ،‬كمـا‬
                                                             ‫كتـب هيدجـر النصيـر الأول لعبـادة الأصالـة‪((2(.‬‬
      ‫العالـم»‪ ...‬كمـا لـو كانـت كلهـا الشـئ ذاتـه‪.‬‬
                                                             ‫ويـرى جاكوبـي أن صياغـات تايلـور ينقصهـا ذلـك‬
‫ويعيـب جاكوبـي ‪ ،‬بصفـة عامـة‪ ،‬علـى فلاسـفة‬                   ‫العمـق الـذي يميـز الهيدجرييـن‪ ،‬إلا أنهـم‪ ،‬جميعـا ‪-‬‬
‫السياسـة حيـن يصفهـم بقولـه‪« :‬إن النتائـج الجبانـة‬           ‫فـي نظـره ‪ -‬يتشـاركون المنطـق والرطانـة نفسـيهما‪.‬‬
‫واللغـة الباهتـة والمفهومـات الـدرداء ليسـت نـادرة‬           ‫ويأتـي ببعـض عبـا ارت تايلـور لتأكيـد هـذا المعنـى‪،‬‬
‫عنـد فلاسـفة‪ ،‬فهـي ازدهـم الـذي لا يجـدون كفايتهـم‬           ‫فيـرى أن الأصالـة تزعـم فرديـة ارديكاليـة‪ ،‬علـى‬
                                                             ‫حيـن أنهـا تسـحب موائـد السـالة كـي تطـرد غيـر‬
                                     ‫من ـه”‪((2(.‬‬             ‫الأصـاء‪ ،‬إنهـا تعبـق ب ارئحـة الغمـوض والطابـع‬

                 ‫ثانيا‪ :‬في خصوصية الثقافة‪:‬‬

‫مـاذا تعنـي كلمـة خصوصيـة؟ ومـا العلاقـة بينهـا‬

‫(‪ ((2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.75‬‬

‫(‪ ((2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.78‬‬                                     ‫(‪ ((2‬المرجع السابق‪،‬ص ص‪.75-74‬‬

                                                         ‫‪52‬‬
   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57